وتقريره أن نقول : لو كان وجود واجب الوجود لذاته زائدا على حقيقته لكان صفة لها مفتقرة إليها ، فيكون ممكنا ، فيفتقر إلى علّة ، فتلك العلّة إمّا أن تكون نفس حقيقته أو شيئا خارجا عن حقيقته. والقسمان باطلان.
أمّا الأوّل ؛ فلأنّ تلك الحقيقة إمّا أن تؤثّر فيه وهي موجودة ، أو تؤثّر فيه وهي معدومة.
فإن أثّرت فيه وهي موجودة ، فإن كانت موجودة بهذا الوجود لزم تقدّم الشيء على نفسه ، وهو محال. وإن كان بغير هذا الوجود عاد البحث إليه ، ويلزم التسلسل ، مع لزوم وجود الماهيّة مرّتين ، والجميع باطل.
وإن أثّرت فيه وهي معدومة كان المعدوم مؤثّرا في الوجود ، وهو باطل بالضرورة.
وأمّا الثاني ؛ فيلزم منه افتقار واجب الوجود في وجوده إلى غيره ، فيكون ممكنا ، وهو محال. وهذا دليل قاطع على هذا المطلوب.
بيان ذلك : أنّ معنى واجب الوجود ثابت الكون على الوجه الكامل ، بمعنى أنّ الموصوف بالوجود في أيّ مرتبة لوحظ كان الكون ثابتا له ، فلا يمكن أن يكون معلولا لغيره ، وإلاّ لزم عدم ثبوت الكون له في مرتبة علّته ، ومن لوازم الكمال ضروريّة ذلك الكون وامتناع العدم.
ومعنى موجوديّة الأشياء محموليّة الموجود عليها باعتبار اتّصافها بمبدإ اشتقاقه ، وهو الوجود.
واتّصاف الشيء به إن كان بذاته لا بغيره ، بمعنى أنّ العقل إذا لاحظ ذاته يحكم ـ بمقتضى الدليل والبرهان ـ أنّ ذلك الشيء في الخارج متّصف بالكون بذاته لا من غيره ، فهو الواجب الوجود لذاته.
وإن كان اتّصاف الشيء بالوجود بالغير ـ لتساوي الوجود والعدم بالنسبة إلى ذاته وعدم إمكان حصول أحدهما بلا سبب أو من ترجيح ذلك الشيء له ؛ لامتناع الترجّح