أشدّ من الآخر ، فينتج أن الوجود يقبل الشدّة والضعف.
والأسترآبادي ينفي الاشتداد كما هو مذهب أكثر المحقّقين حسب ادّعائه رحمهالله (١).
ومن المسائل التي توقّف عندها الأسترآبادي مسألة أصالة الوجود وأصالة الماهيّة ، وهي المسألة التي كانت محلّ بحث ونزاع بين العلماء.
إنّ فكرة أصالة الوجود كانت قد تبلورت وظهرت في عصر صدر المتألّهين محمّد بن إبراهيم الشيرازي ، وأمّا القول بأصالة الماهيّة فقد بلوره المير محمّد باقر الداماد ، واستمرّ الجدل بين القائلين بأصالة الوجود والقائلين بأصالة الماهيّة.
والأسترآبادي يفصّل هذه المسألة ويرى أنّ النزاع لفظيّ بين العلماء ويشترط لذلك عدم الحمل على أصالة الوجود ، بمعنى كون جميع الوجود وجود الواجب المتنزّل في الممكنات ، فهو يرى في ذلك الكفر والخروج عن الدين.
أمّا تفصيله لهذه المسألة فهو مبنيّ على المراد من الماهيّة ، هل هي بالمعنى الذي يطلق في جواب « ما هو » أو الذي يطلق على ما به الشيء هو هو بالفعل؟
فيقول : إنّ الموجود في الذهن هو الماهيّة بالمعنى الأوّل ، والذي يعبّر عنه بـ « الأشباح ». وأمّا بالمعنى الثاني فالماهيّة لا توجد إلاّ بالخارج ، فالقائل بأصالة الوجود : إن كان مراده أنّ الوجود له مصداق خارجي كما أنّ له مفهوما ، من غير أن ينفي أصالة الماهيّة وكونها ـ أيضا ـ موجودة في الخارج وذات مصداق خارجي باعتبار المعنى الثاني ، بمعنى أصالة الوجود والماهيّة معا ، بكونهما موجودين في الخارج بإيجاد واحد ، وكون الماهيّة موجودة بالوجود ، والوجود موجودا بنفسه ، دفعا للتسلسل من غير الحكم بكون الوجود أصلا من هذه الجهة والماهيّة حدّا له وسببا لتعيينه ، بل تكون الماهيّة أصلا وجهة التقوّم بنفسه والوجود أصلا من جهة التحصّل بنفسه ، فيكون كلّ ممكن زوجا تركيبيّا ، فهو حقّ.
وإن كان المراد اعتباريّة الماهيّة بالمعنى الثاني فلا اعتبار به ، لبداهة حكم العقل بوجود الذات والماهيّة بالمعنى الثاني.
وإن كان المراد اعتباريّة الماهيّة بالمعنى الأوّل وأصالة الوجود بالمعنى المذكور ، سيّما
__________________
(١) لمزيد الاطّلاع حول هذا المبحث راجع « نهاية المرام في علم الكلام » ١ : ٥٠ ؛ « كشف المراد » : ٢٩ ؛ « الأسفار الأربعة » ١ : ٤٢٣ ، الفصل الرابع.