[يونس : ٢٤] فيكون المعنى نعطيهم زينة عظيمة في كل باب.
قوله : (وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) قرأ حمزة وعاصم لمّا بالتشديد على معنى: وما كل ذلك إلّا متاع الحياة الدنيا. فكان لما بمعنى إلا (١). حكى سيبويه : «أنشدتك بالله لمّا فعلت» بمعنى إلا (٢). ويؤيد هذه القراءة قراءة من قرأ : وما ذلك إلّا متاع الحياة الدّنيا (٣) وخففه الآخرون على معنى : وكل ذلك متاع الحياة الدنيا. فتكون اللام للابتداء ، وما صلة (٤) يريد : أن هذا كله متاع الحياة الدنيا وسماه متاعا ، لأن الإنسان يستمتع به قليلا ، ثم يزول ويذهب. وتقدم الخلاف في لما تخفيفا وتشديدا في سورة هود (٥).
قال أبو الحسن (٦) : الوجه التخفيف ، لأن لما بمعنى إلا لا يعرف (٧). وحكي عن الكسائي أنه قال : لا أعرف وجه التثقيل (٨). وقرأ أبو رجاء وأبو حيوة : لما ـ بكسر (٩) اللام ـ على أنها لام العلة ودخلت على ما الموصولة ، وحذف عائدها ، وإن لم تطل الصّلة ، والأصل : الذي هو متاع ، كقوله : (تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) [الأنعام : ١٥٤] برفع النون.
و «إن» هي المخففة من الثقيلة ، و «كل» مبتدأ ، والجار بعده خبره ، أي وإنّ كلّ ما تقدم ذكره كائن للّذي هو متاع الحياة. وكان الوجه أن تدخل اللام الفارقة ، لعدم إعمالها ، إلا أنها لما دلّ الدليل على الإثبات جاز حذفها (١٠) ، كما حذفها الآخر في قوله ـ (رحمهالله (١١)) ـ :
٤٤٠١ ـ أنا ابن أباة الضّيم من آل مالك |
|
وإن مالك كانت كرام المعادن (١٢) |
__________________
(١) الإتحاف ٣٨٥ والسبعة ٥٨٦ وهي قراءة متواترة.
(٢) سبق هذا.
(٣) ذكرها الكشاف بدون عزو في ٣ / ٤٨٧. ونسبها الرازي إلى أبي بن كعب. انظر الرازي ٢٧ / ٢١١.
(٤) ولفظة «ما» لغو ، قاله الرازي نقلا عن الواحديّ ، انظر المرجع السابق.
(٥) من قوله تعالى : «وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ» من الآية ١١١.
(٦) تصحيح عن النسختين ففيها أبو الحسين ، والأصح ما أثبت أعلى فهو أبو الحسن الأخفش الأوسط.
(٧) قال في معاني القرآن : «خفيفة منصوبة اللام. وقال بعضهم لمّا فثقل ونصب اللام وضعّف الميم وزعم انها في التفسير الأول إلا ، وأنها من كلام العرب». معاني القرآن له ٦٨٨ و ٦٨٩ ، وانظر عنه أيضا القرطبي ١٦ / ٨٨ والرازي ٢٧ / ٢١١.
(٨) المرجع السابق.
(٩) المرجعين السابقين ، وانظر أيضا المحتسب ٢ / ٢٥٥.
(١٠) وانظر البحر المحيط ٨ / ١٥ والدر المصون ٤ / ٧٨٢.
(١١) زيادة من أ.
(١٢) من الطويل وهو للطّرمّاح بن حكيم ، والأباة جمع آب ، وهو الممتنع ، والضيم الذلّ. والشاهد : ـ