أحدها : أن يكون الأول. والثاني : ما تقدم في (آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
الثالث : أن تكون المسألة من باب العطف على عاملين ، وذلك أن «اختلاف» عطف على «خلقكم» وهو معمول «لفي» و «آيات» قبلها ، وهي معمولة للابتداء فقد عطف على معمول عاملين في هذه القراءة أيضا (١).
قال الزمخشري : وقرىء : «آيات لقوم يوقنون» بالرفع والنصب على قولك : إنّ زيدا في الدّار وعمرو في السوق أو وعمرا في السّوق (٢). قال : وأما قوله : (آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) فمن العطف على عاملين سواء نصبت أم رفعت ، فالعاملان في (٣) النصب (إنّ) و (في) ، أقيمت الواو مقامهما فعملت الجر في (اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) والنصب في «آيات» وإذا رفعت فالعاملان الابتداء و (في) عملت الرفع في «آيات» والجر في «اختلاف» (٤). ثمّ قال في توجيه النصب : والثاني : أن ينتصب على الاختصاص بعد انقضاء المجرور (٥).
والوجه الخامس : أن يرتفع «آيات» على خبر ابتداء مضمر أي هي آيات (٦). وناقشه أبو حيان فقال : ونسبة الجر (٧) والرفع والجر والنصب للواو ليس بصحيح ؛ لأنّ الصحيح من المذاهب أن حرف العطف لا يعمل (٨). وأيضا ناقش أبو شامة (٩) فقال : فمنهم من يقول هو على هذه القراءة أيضا ـ يعني قراءة الرفع ـ عطف على عاملين. وهما حرف «في» والابتداء المقتضي للرفع. ومنهم من لا يطلق هذه العبارة في هذه القراءة ؛ لأن الابتداء ليس بعامل لفظي(١٠).
__________________
(١) الدر المصون ٤ / ٨٢٩.
(٢) في الكشاف : وعمرا في السوق أو وعمرو عكس تلك العبارة التي أمامنا أعلى.
(٣) في الكشاف : إذا نصبت.
(٤) الكشاف ٣ / ٥٠٨. والدر المصون ٤ / ٨٢٩. وانظر في مسألة العطف على معمولي عاملين بتفصيل المغني ٤٨٦ إلى ٤٨٨.
(٥) الكشاف المرجع السابق.
(٦) ذكره الزمخشري في الكشاف أيضا والسمين في الدر المصون ٤ / ٨٢٩.
(٧) في ب ونسبة الخبر تحريف.
(٨) بالمعنى من البحر المحيط ٨ / ٤٣ ، وباللفظ من الدر المصون ٤ / ٨٢٩.
(٩) هو الشيخ عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان بن أبي بكر أبو محمد ، وأبو القاسم المقدسيّ الدّمشقي ، المقرىء النحوي ، الشيخ الإمام العالم العلامة ، الحافظ المحدث الفقيه المؤرخ ، المعروف بأبي شامة ، أخذ عن السخاوي علم الدين وغيره من المعاصرين ، وأخذ عن غيره من المعاصرين المبرزين العلوم اللسانية والشرعية ، مات مقتولا سنة ٦٦٥ ه. انظر غاية النهاية ١ / ٣٧٥ و ٣٦٦ ، ومقدمة كتابه إبراز المعاني ٧ و ٨.
(١٠) انظر إبراز المعاني ٦٨٣ و ٦٨٤ والدر المصون ٤ / ٨٣٠.