«شفع». على أن الخليل قال في قولهم : ما يحسن بالرجل (مثلك (١) أن يفعل ذلك ، وما يحسن بالرجل) خير منك أنه على نية الألف واللام كما كان الجمّاء (٢) الغفير على نية طرح الألف (٣) واللام ، ومما سهل ذلك الأمن من اللبس وجهالة الموصوف (٤). قال أبو حيان : ولا ضرورة إلى حذف «أل» من (شَدِيدِ الْعِقابِ) وتشبيهه بنادر مغير وهو تثنية الوتر لأجل الشفع فيتنزه (٥) كتاب الله عن ذلك (٦).
قال شهاب الدين : أما الازدواج وهو المشاكلة من حيث (٧) هو فإنه واقع في القرآن وقد مضى منه مواضع.
وقال الزمخشري أيضا : ويجوز أن يقال : قد تعمد (٨) تنكيره وإبهامه للدلالة على فرط الشّدّة على ما لا شيء أدهى منه وأمرّ لزيادة الإنذار. ويجوز أن يقال : هذه النكتة هي الداعية إلى اختيار البدل على الوصف إذا سلكت طريق الإبدال (٩) انتهى.
وقال مكي : يجوز في «غافر وقابل» البدل على أنهما نكرتان لاستقبالهما (١٠) والوصف على أنهما معرفتان لمضيّهما (١١). وقال ابن الخطيب لا نزاع في جعل «غافر» صفة ، وإنما كانا كذلك لأنهما يفيدان معنى الدوام والاستمرار فكذلك (شَدِيدِ الْعِقابِ) يفيد ذلك لأن صفاته منزهة عن الحدوث والتجدد فمعناه كونه بحيث شديد عقابه ، وهذا المعنى حاصل أبدا لا يوصف بأنه حصل بعد أن لم يكن (١٢) قال أبو حيان : وهذا كلام من لم يقف على علم النحو ولا نظر فيه ويلزمه أن يكون (حَكِيمٍ عَلِيمٍ) و (مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) معارف لتنزيه صفاته عن الحدوث والتجدد ، ولأنها صفات لم تحدث لم تحصل بعد أن لم تكن ويكون تعريف صفاته بأل وتنكيرها سواء ، وهذا لا يقوله مبتدىء في علم النحو
__________________
(١) ما بين القوسين كله ساقط من نسخة ب بسبب انتقال النظر.
(٢) في ب : الجم.
(٣) ذكر إمام النحاة ذلك في الكتاب ٢ / ١٣ في باب مجرى نعت المعرفة عليها قال : «.. ومن المنقول ما يحسن بالرجل مثلك أن يفعل ذاك ، وما يحسن بالرجل خير منك أن يفعل ذاك ، وزعم الخليل ـ رحمهالله ـ أنه إنما جر هذا على نية الألف واللام ولكنه موضع لا تدخله الألف واللام كما كان الجماء الغفير منصوبا على نية إلقاء الألف واللام نحو طرا وقاطبة ..».
(٤) الكشاف ٣ / ٤١٣.
(٥) في ب : فتنزه.
(٦) البحر ٧ / ٤٤٨ بالمعنى.
(٧) الدر المصون ٤ / ٦٧٤.
(٨) في النسختين تغير والتصحيح من الكشاف.
(٩) الكشاف المرجع السابق.
(١٠) في ب : لا استغناء عنهما.
(١١) لم أجد هذا الرأي في كتاب مشكل الإعراب للإمام مكي وإنما هو لأبي جعفر النحاس في كتابه إعراب القرآن ٤ / ٢٦ قال : «وتحقيق الكلام في هذا وتلخيصه أن غافر الذنب وقابل التوب يجوز أن يكونا معرفتين على أنهما لما مضى فيكونا نعتين. ويجوز أين يكونا للمستقبل والحال فيكونا نكرتين» انظر الإعراب المرجع السابق.
(١٢) قاله في تفسيره الكبير ٢٧ / ٢٩.