قوله : (لا رَيْبَ فِيهِ) إخبار فهو مستأنف ، ويجوز أن يكون حالا من (يَوْمَ الْجَمْعِ) وجعله الزّمخشري اعتراضا (١) وهو غير ظاهر صناعة إذ لم يقع بين متلازمين (٢).
قوله : «فريق» العامة على رفعه بأحد وجهين :
إمّا الابتداء ، وخبره الجار بعده ، وساغ هذا في النكرة ، لأنه مقام تفصيل كقوله :
٤٣٧١ ـ ......... |
|
فثوب نسيت وثوب أجرّ (٣) |
ويجوز أن يكون الخبر مقدرا تقديره منهم فريق (٤). وساغ الابتداء (٥) بالنكرة لشيئين : تقديم خبرها جار ومجرورا ووصفها بالجار بعدها ، والثاني : أنه خبر ابتداء مضمر أي هم أي المجموعون ، دلّ على ذلك يوم الجمع.
وقرأ زيد بن عليّ : فريقا وفريقا ، نصبا (٦) على الحال من جملة محذوفة أي افترقوا أي المجموعون.
وقال مكي : وأجاز الكسائي والفراء (٧) النصب في الكلام في «فريقا» على معنى : تنذر فريقا في الجنة وفريقا في السعير يوم الجمع (٨) وكأنه لم يطلع على أنها قراءة (٨). وظاهر نقله عن هذين الإمامين أنهما لم يطلعا (عليها) (٩) وجعل «فريقا» مفعولا أول لتنذر ، «ويوم الجمع» مفعولا ثانيا. وفي ظاهره إشكال وهو أنّ الإنذار لا يقع للفريقين وهما في الجنة وفي السعير إنما يكون الإنذار قبل استقرارهما فيهما. ويمكن أن يجاب عنه بأن المراد من هو من أهل الجنة ومن أهل السعير ، وإن لم يكن حاصلا فيهما وقت
__________________
(١) قال في الكشاف : اعتراض لا محل له. الكشاف ٣ / ٤٦١.
(٢) كالمبتدأ والخبر والفعل وفاعله والفعل ومفعوليه أو مفعوله الخ.
(٣) عجز بيت من المتقارب لامرىء القيس صدره :
فلمّا دنوت تسدّيتها |
|
............ |
ويروى : فأقبلت زحفا على الركبتين ، كما يروى : «لبست» بدل «نسيت» رواية المؤلف والبيت في معنى الفحش الجاهلي. والشاهد: فثوب نسيت .. الخ ، حيث ابتدأ الشاعر بنكرة وجاز لمسوغ من المسوغات وهو وجود التفصيل. وانظر الديوان ١٥٩ ، والمغني ٤٧٢ ، وشرح الرضي على الكافية ١ / ٩٢ والكتاب ١ / ٨٦ ، والمحتسب ٢ / ١٢٤ ، والخزانة ١ / ٣٧٣ ، ٣٧٥ ، وابن عقيل ٣٤ ، وأمالي الشجري ١ / ٩٣ كما ورد بالمغني أيضا ٦٣٣.
(٤) في ب فريق منهم عكسا وهو خطأ بالطبع فلا مسوّغ حينئذ وانظر في هذا التقدير الأعلى أبا البقاء في التبيان ١١٣٠ والزمخشري ٢ / ٤٦١.
(٥) في ب الأخذ بدل الابتداء.
(٦) ذكرها أبو حيان في البحر ٧ / ٥٠٩.
(٧) قال في معاني القرآن له قوله : فريق في الجنة وفريق في السعير رفع بالاستئناف كقولك : رأيت الناس شقيّ وسعيد ، ولو كان فريقا في الجنة وفريقا في السعير كان صوابا والرفع أجود في العربية. معاني الفراء ٣ / ٢٢.
(٨) انظر مشكل الإعراب لمكي ٢ / ٦» ٢٧.
(٩) سقط من ب.