الشياطين ، قال سعيد بن جبير في تفسير قوله (وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ) يدخل المؤمن الجنة فيقول : أين أبي؟ أين ولدي؟ أين زوجتي؟ فيقال لهم : إنهم لم يعملوا مثل عملك فيقول : إني كنت أعمل لي ولهم فيقال : أدخلوهم الجنة.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ (١٠) قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (١١) ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ)(١٢)
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ) أي يوم القيامة وهم في النار وقد مقتوا أنفسهم حين عرض عليهم سيئاتهم وعاينوا العذاب فيقال لهم : (لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ) أي لمقت الله إياكم في الدنيا إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون أكبر من مقتكم اليوم أنفسكم عند دخول العذاب (١) قاله البغوي (٢).
واعلم أن الله تعالى عاد إلى شرح أحوال الكافرين المجادلين في آيات الله ، وهم المذكورون في قوله (ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) وبين أنهم في القيامة يعترفون بذنوبهم واستحقاقهم العذاب ويسألون الرجوع إلى الدنيا ليتلافوا ما فرط منهم (٣).
قوله (إِذْ تُدْعَوْنَ) منصوب بمقدر يدل عليه (هذا الظاهر (٤) ، تقديره مقتكم إذ تدعون ، وقدّره بعضهم : اذكروا إذ تدعون) (٥). وجوز الزمخشري أن يكون منصوبا بالمقت الأول(٦). ورد عليه أبو حيان بأنه يلزم الفصل بين المصدر ومعموله بالأجنبي وهو الخبر (٧) ، وقال: هذا من ظواهر علم النحو التي لا تكاد تخفى على المبتدىء ، فضلا عن من يدّعي من العجم أنه شيخ العرب والعجم (٨) ، قال شهاب الدين : ومثل هذا لا يخفى على أبي القاسم ، وإنما أراد أنه دال على ناصبه (٩) ، (و) (١٠) على تقدير ذلك
__________________
(١) في ب : قال بدون عائد وهو خطأ والتصحيح ما هو مثبت أعلى من أفالمقول السابق للبغوي لا اللاحق.
(٢) معالم التنزيل ٦ / ٩٠.
(٣) قاله الرازي في التفسير الكبير ٢٧ / ٣٨.
(٤) ما بين القوسين ساقط من أالأصل ومثبت في ب والسمين ٤ / ٦٧٩.
(٥) قال بذلك ابن الأنباري في البيان ٢ / ٣٢٨ ، ٣٢٩.
(٦) الكشاف ٣ / ٤١٧.
(٧) قال : لأن المقت مصدر ومعموله من صلته ، ولا يجوز أن يخبر عنه إلا بعد استيفائه صلته وقد أخبر عنه بقوله «أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ».
(٨) انظر البحر بالمعنى ٧ / ٤٥٢ ، ٤٥٣.
(٩) هذا دفاع من السمين عن الزمخشري ولكن صريح عبارة الزمخشري أنه منصوب بنفس المقت. وانظر الدر المصون ٤ / ٦٧٨ والكشاف ٤١٧.
(١٠) الواو سقطت من ب.