فقال : هم آل عليّ وآل عقيل وآل جعفر ، وآل عباس ـ رضي الله عنهم ـ وروى ابن عمر عن ابن بكر ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال : ارقبوا محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في أهل بيته. وقيل : هم الذين تحرم عليهم الصدقة من أقاربه ويقسم فيهم الخمس وهم بنو هاشم ، وبنو المطلب الذين لم يتفرقوا بجاهلية ولا إسلام. وقيل : هذه الآية منسوخة ، وإليه ذهب الضحاك بن مزاحم والحسين بن الفضل. قال البغوي وهذا قول (غير) (١) مرض ؛ لأن مودة النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وكف الأذى عنه ومودة أقاربه والتقرب إلى الله تعالى بالطاعة والعمل الصالح من فرائض الدين (٢).
قوله تعالى : (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً) أي من يكتسب طاعة (نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) العامة على «نزد» بالنون ، وزيد بن علي وعبد الوارث عن أبي عمرو ـ يزد ـ بالياء (٣) من تحت ـ أي يزد الله. والعامة «حسنا» بالتنوين مصدرا على «فعل» نحو : شكر وهو مفعول به ، وعبد الوارث ـ عن أبي عمرو ـ حسنى بألف التأنيث (٤) على وزن بشرى ، ورجعى ، وهو مفعول به أيضا. ويجوز أن يكون صفة كفضلى ، فيكون وصفا لمحذوف أي خصلة حسنى. قيل : نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق ـ رضي الله تعالى عنه ـ والظاهر العموم في أي حسنة كانت ، إلا أنها لما ذكرت عقيب المودة في القربى دل ذلك على أن المقصود التأكيد في تلك المودّة (٥).
ثمّ قال سبحانه وتعالى : (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ) : للقليل (حتى يضاعفها) (٦) والشكر في حق الله تعالى مجاز ، والمعنى أنه تعالى يحسن للمطيعين في إيصال الثواب إليهم ، وفي أن يزيد عليهم أنواعا كثيرة من التفضل.
قوله : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) اعلم أن الكلام ابتداء من أول هذه السورة في تقرير أن هذا الكتاب إنما حصل بوحي الله تعالى ، قال تعالى : (كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ) واتصال الكلام في تقرير هذا المعنى وتعلق بعضه ببعض (حتى (٧) وصل) إلى هاهنا ، ثم حكى هاهنا شبهة القوم وهي قولهم : إن هذا ليس وحيا من الله تعالى فقال : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً)(٨). قال الزمخشري : «أم» منقطعة ومعنى الهمزة للتوبيخ (٩) والمعنى : أيقع (١٠) في قلوبهم ويجري على ألسنتهم أن ينسبوا مثله على الافتراء على الله سبحانه وتعالى الذي هو أقبح الأنواع وأفحشها ، ثم أجاب عنه بأن قال :
__________________
(١) زيادة من البغوي.
(٢) وانظر هذه الأقوال في البغوي والخازن ٦ / ١٢٢.
(٣) ذكرها ابن خالويه في مختصره ١٣٤ وأبو حيان في البحر ٧ / ٥١٦ وهي شاذة غير متواترة.
(٤) لم ترو عن أبي عمرو في المتواتر ؛ انظر البحر المحيط ٧ / ٥١٦ ومختصر ابن خالويه ١٣٤.
(٥) ذكره الرازي ٢٧ / ١٦٧.
(٦) زيادة من البغوي ٦ / ١٢٢.
(٧) زيادة من الرازي.
(٨) المرجع السابق.
(٩) الكشاف ٣ / ٤٦٨.
(١٠) في ب ليقع. والتصحيح من الرازي.