عائدة على الإناث والذكور والمعنى يجعل الذكور والإناث أزواجا أي يجمع له بينهما فيولد له الذكور والإناث (١).
وأما الجواب عن قوله «عقيما» فالعقيم هو الذي لا يلد ولا يولد له يقال : رجل عقيم ، وامرأة عقيم ، وأصل العقم القطع ومنه قيل : الملك عقيم ، لأنه يقطع فيه الأرحام بالقتل والعقوق(٢).
وأما الجواب عن الرابع فقال ابن عباس ـ (رضي الله عنهما) (٣) ـ : يهب لمن يشاء إناثا ، يريد لوطا وشعيبا لم يكن لهما إلا البنات ، «ويهب لمن يشاء الذّكور» يريد : إبراهيم لم يكن له إلا الذكور ، (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً) يريد محمدا صلىاللهعليهوسلم كان له من البنين ثلاثة على الصحيح القاسم وعبد الله ، وإبراهيم ، ومن البنات أربعة : زينب ، ورقية ، وأم كلثوم ، وفاطمة (وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً) يريد يحيى وعيسى ـ عليهما الصّلاة والسّلام (٤) ـ.
وقال أكثر المفسرين : هذا على وجه التمثيل ، وإنما الحكم عام في كل الناس ؛ لأن المقصود بيان نفاذ قدرة الله تعالى في تكوين الأنبياء كيف شاء ، فلا معنى للتخصيص (٥).
ثم إنه تعالى ختم الآية بقوله : (إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ). قال ابن عباس ـ (رضي الله عنهما) (٦) ـ : عليم بما خلق قدير على ما يشاء أن يخلقه. والله أعلم.
قوله تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (٥١) وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِراطِ اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ)(٥٣)
قوله تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً ...) الآية لما بين حال قدرته وعلمه وحكمته أتبعه ببيان أنه كيف يخص أنبياءه بوحيه وكلامه. قوله : «أن يكلمه» «أن» ومنصوبها اسم كان و «لبشر» (٦) خبرها. وقال أبو البقاء : «أن» والفعل في موضع رفع
__________________
(١) وانظر كل هذا بالمعنى من الرازي ٢٧ / ١٨٤.
(٢) قاله ابن منظور في اللسان عقم ٣٠٥١.
(٣) زيادة من أ.
(٤) نقله الرازي في تفسيره ٢٧ / ١٨٥ و ١٨٦ عن الزمخشري في الكشاف ٣ / ٤٧٥. ونقله القرطبي في الجامع ١٦ / ٤٩ عن النّقّاش : نزلت في الأنبياء وإن عمّ حكمها.
(٥) وممن قال به البغوي والخازن في تفسيرهما والنقاش عن القرطبي انظر البغوي والخازن ٦ / ١٢٩.
(٦) في النسختين ليس بدل لبشر تحريف.