و «وحيا» حال ، فيكون هنا أيضا حالا ، والتقدير : إلا موحيا أو مرسلا (١).
وقال الزمخشري : «وحيا وأن يرسل» مصدران واقعان موقع الحال ، لأن : أن يرسل في معنى : إرسالا و (مِنْ وَراءِ حِجابٍ) ظرف واقع موقع الحال أيضا كقوله : (وَعَلى جُنُوبِهِمْ) [آل عمران : ١٩١] والتقدير : وما صح أن يكلم أحدا إلا موحيا أو مسمعا من وراء حجاب أو مرسلا (٢).
ورد عليه أبو حيان بأن وقوع المصدر موقع الحال غير منقاس وإنما قاس منه المبرد ما كان نوعا للفعل فيجيز أتيته ركضا ويمنع : أتيته بكاء أي باكيا (٣). وبأن : أن يرسل لا يقع حالا لنص سيبويه : على أن «أن» والفعل لا يقع حالا وإن كان المصدر الصريح يقع حالا تقول : جاء زيد ضحكا ، ولا يجوز أن يضحك (٤).
الثالث : أنه عطف على معنى وحيا فإنه مصدر مقدر بأن والفعل والتقدير : إلّا بأن يوحي إليه أو بأن يرسل. ذكره مكي (٥) وأبو البقاء (٦).
قوله : (أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) العامة على الإفراد. وابن أبي عبلة : حجب جمعا (٧). وهذا الجار يتعلق بمحذوف تقديره : أو يكلمه من (٨) وراء حجاب. وقد تقدم أن هذا الفعل معطوف على معنى وحيا ، أي إلّا أن يوحي أو يكلمه.
قال أبو البقاء : ولا يجوز أن يتعلق من ب «يكلّمه» (الموجودة (٩) في اللفظ لأن ما قبل الاستثناء لا يعمل فيما بعد إلا. ثم قال : وقيل : من متعلقة بيكلّمه) (١٠) لأنه ظرف والظرف يتّسع فيه (١١).
__________________
(١) مشكل إعراب القرآن ٢ / ٢٧٩ قال : أو نفي المرسل إليهم وذلك لا يجوز.
(٢) قال النحاس في إعراب القرآن ٤ / ٩٢ : قال سيبويه : سألت الخليل عن قول الله عزوجل : «أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ» فزعم أن النصب محمول إلى أن سوى هذه. وانظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٢ / ١٠٣.
(٣) الكشاف ٣ / ٤٧٥.
(٤) قال في المقتضب : ومن المصادر ما يقع في موضع الحال فيسد مسده فيكون حالا ، لأنه قد ناب عن اسم الفاعل وأغنى غناءه وذلك قولهم : قتلته صبرا ، إنما تأوله صابرا أو مصبرا ، وكذلك : جئته مشيا لأن المعنى جئته ماشيا فالتقدير أمشي مشيا ، لأن المجي على حالات والمصدر قد دل على فعله من تلك الحال. ولو قلت : جئته إعطاء لم يجز ؛ لأن الإعطاء ليس من المجيء ، ولكن جئته سعيا. فهذا جيد. المقتضب ٣ / ٣٣٤ ، فهذا النص نفهم منه بأن المصدر واقع موقع الحال ، وقد فهم النحاة ونقلوا نقولات كثيرة عن المبرّد في هذا هل المصدر هذا مفعول مطلق لهذا الفعل المحذوف أم أنه مصدر واقع موقع الحال؟
(٥) البحر المحيط ٧ / ٥٢٧.
(٦) مشكل إعراب القرآن ٢ / ٢٧٩.
(٧) التبيان ١١٣٦.
(٨) من القراءة الشاذة انظر البحر المحيط ٧ / ٥٢٧ وشواذ القرآن ٢١٦.
(٩) التبيان لأبي البقاء ١١٣٦.
(١٠) ما بين القوسين تكملة لازمة من كتاب التبيان لأبي البقاء فقد سقط كل هذا من النسختين بسبب انتقال النظر.
(١١) التبيان ١١٣٦.