وآسفونا منقول بهمزة التعدية من أسف بمعنى غضب ، والمعنى : أغضبونا بمخالفتهم أمرنا. وقال بعض المفسرين معناه (١) : «أحزنوا أولياءنا».
قوله : (فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً) قرأ الأخوان سلفا ـ بضمتين ـ (٢) ، والباقون بفتحتين ، فأما الأولى فتحتمل ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه جمع سليف ، كرغيف ، ورغف ، وسمع القاسم (٣) بن معن من العرب معنى سليف من الناس والسليف من الناس كالغريق منهم (٤).
والثاني : أنها جمع سالف ، كصابر ، وصبر (٥).
الثالث : أنها جمع سلف كأسد وأسد (٦).
والثانية تحتمل وجهين :
أحدهما : أن تكون جمعا لسالف ، كحارس وحرس ، وخادم وخدم ، وهذا في الحقيقة اسم جمع لا جمع تكسير ، إذ ليس في أبنية التكسير صيغة فعل.
والثاني : أنه مصدر يطلق على الجماعة ، تقول : سلف الرّجل يسلف سلفا أي تقدم ، والسلف : كلّ شيء قدّمته من عمل صالح ، أو قرض فهو سلف ، وسلف الرّجل آباؤه المتقدمون ، والجمع أسلاف وسلّاف (٧) قال طفيل :
٤٤١٤ ـ مضوا سلفا قصد السّبيل عليهم |
|
صروف المنايا بالرّجال تقلّب (٨) |
وقرأ عليّ ومجاهد ـ رضي الله عنهما (٩) ـ سلفا (١٠) ـ بضم السين. وفيه وجهان :
__________________
(١) نقل هذين الوجهين أبو حيان في البحر المحيط ٨ / ٢٣ والسمين في الدر المصون ٤ / ٧٩٤.
(٢) هي قراءة متواترة انظر السبعة ٥٨٧ ومعاني الفراء ٢ / ٣٦.
(٣) هو القاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الصحابي أبو الإمام أبي عبد الله المسعودي الهذليّ كان من علماء الكوفة باللغة العربية والفقه والحديث والشعر والأخبار حدث عن عاصم الأحول وعنه أبو نعيم مات سنة ١٧٥ أو ١٧٦ ه. انظر بغية الوعاة ٢ / ٢٦٣.
(٤) نقله الفراء في معانيه ٣ / ٣٦.
(٥) ذكره صاحب التبيان ١١٤١.
(٦) انظر الدر المصون ٤ / ٧٩٤.
(٧) وانظر كل هذا في الدر المصون لفظا ٤ / ٧٩٤ ، والبحر المحيط معنى ٨ / ٢٣ ، وانظر اللغة في اللسان (سلف) ٢٠٦٨.
(٨) من الطويل في رثاء من تقدم من قومه وهو لطفيل الغنويّ وشاهده : أن السلف هم الآباء المتقدمون عليه ، ويجمع على ما أوضح أعلى على أفعال وفعّال وانظر ديوان طفيل ٤٠ والبحر المحيط ٨ / ٢٣ والدر المصون ٤ / ٧٩٤ ولسان العرب سلف (٢٠٦٩).
(٩) في ب وقرأ علي رضي الله عنه ومجاهد.
(١٠) ذكرها الزجاج في معانيه ٤ / ٣١٦ وابن خالويه في المختصر ١٣٥.