محذوفا ، والجواب كما تقدم. ذكره الزمخشري (١) أيضا. واختار القراءة بالنصب (٢) جماعة. قال النحاس : القراءة البينة بالنصب من جهتين :
أحدهما : أن التفرقة بين المنصوب ، وما عطف عليه مغتفرة ، بخلافها بين المخفوض وما عطف عليه.
والثانية : تفسير أهل التأويل بمعنى النصب (٣). كأنه يريد ما قال أبو عبيدة قال : إنما هي في التفسير أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم ولا نسمع قيله يا رب (٤).
ولم يرتض الزمخشري من الأوجه المتقدمة شيئا. وإنما اختار أن يكون قسما في القراءات الثلاث (٥). وتقدم تحقيقها.
وقرأ أبو قلابة : يا ربّ (٦) بفتح الباء ، على قلب الياء ألفا ، ثم حذفها مجتزئا عنها بالفتحة كقوله :
٤٤٢٣ ـ ......... |
|
بلهف ولا بليت ........... (٧) |
والأخفش يطردها (٨).
قال ابن الخطيب ـ بعد أن حكى قول الزمخشري ـ : وأقول : الذي ذكره الزمخشري متكلف أيضا وها هنا إظمار ، امتلأ القرآن منه ، وهو إضمار اذكر ، والتقدير في قراءة النصب : واذكر قيله يا رب ، وفي قراءة الجر : واذكر وقت قيله يا رب ، وإذا وجب التزام إضمار ما جرت العادة في القرآن بالتزامه ، فالتزام إضماره أولى من غيره (٩). وعن ابن عباس ـ (رضي الله عنهما) (١٠) ـ أنه قال في تفسير قوله : (وَقِيلِهِ يا رَبِّ) المراد : وقيل يا ربّ. والهاء زائدة(١١).
__________________
(١) الكشاف ٣ / ٣٩٨.
(٢) كالزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٤٢١ ونقله عنه موافقا النحاس كما سيأتي الآن.
(٣) إعراب القرآن ٤ / ١٢٣.
(٤) قال في المجاز ٢ / ٢٠٧ نصبه في قول أبي عمرو علي «نسمع سرّهم ونجواهم وقيله ونسمع قيله».
(٥) قال : «وأقوى من ذلك وأوجه أن يكون الجر والنصب على إضمار حرف القسم وحذفه». الكشاف ٣ / ٤٩٩.
(٦) البحر المحيط ٨ / ٣٠.
(٧) جزء من بيت من الوافر ، مجهول قائله وهو بتمامه :
فلست بمدرك ما فات منّي |
|
... ولا لو انّي |
ويروى : ولست بالواو. والمعنى أن الحسرة والندامة لا يجدي على ما فات والشاهد : بلهف وبليت والأصل يا لهفي ويا ليتني فحذف حرف النداء ثم قلب الياء «ياء المتكلم» ألفا ثم حذف الألف اجتزاء بالفتحة عنها. وانظر الأشموني ٣ / ١٥٥ والخصائص ٣ / ١٣٥ والمحتسب ١ / ٢٧٧ و ٣٢٣ والدر المصون ٤ / ٨٠٨.
(٨) انظر معاني الأحفش ٧٢ / ٧٣.
(٩) بالمعنى قليلا من الفخر الرازي ٢٧ / ٢٣٤.
(١٠) سقط من ب.
(١١) المرجع السابق.