كانوا يتبعونه ، وموضع («تبع» (١)) في الجاهلية موضع الخليفة في الإسلام وهم الأعاظم من ملوك العرب (٢) قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ كان تبّع رجلا صالحا (٣). وقال (٤) كعب : ذمّ الله ولم يذمّه وقال الكلبي : هو أبو كرب (أبو) (٥) أسعد (٦). وعن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «لا تسبّوا تبّعا فإنّه كان قد أسلم» (٦). وعنه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «ما أدري أكان تبّع نبيّا أم غير نبيّ». وقال قتادة : هو تبّع الحميريّ ، وكان سار بالجيوش حتى حير (٧) الحيرة وبنى سمرقند ، وكان من ملوك اليمن يسمى تبّعا لكثرة أتباعه ، كل واحد منهم يسمى تبعا ، لأنه يتبع صاحبه ، وكان هذا يعبد النار ، فأسلم ودعا قومه إلى الإسلام ، وهم حمير. فكذبوه (٨). (قال ابن (٩) إسحاق : وكان اسمه بيان أسعد أبو كرب وقصّته مسرودة ؛ لأنه كان يعبد الأوثان ، وأنه أسلم على يد حبرين عالمين ، وأنه أتى البيت الحرام فطاف به ، ونحر عنده ، وحلق رأسه ، وأقام بمكة ستة أيام ينحر بها للناس ويطعم أهلها ويسقيهم العسل ، وأري في المنام أن يكسو البيت ، فكساه الخصف (١٠) ، ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه المعافري ، ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه الملا والوصائل. وكان تبع أول من كسا البيت وأوصى به ولاته من خزاعة فأمرهم بتطهيره ، وأن لا يقربوه دما ولا ميتة ، ولا ميلاثا ، وهي المحايض وجعل له بابا ومفتاحا ، وقصته مع الحبرين مشهورة وأيضا وأنه رجع إلى اليمن وتبع الحبرين على دينهما ولذلك كان أصل دين اليهودية باليمن).
فإن قيل : ما معنى قوله : (أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ) مع أنه لا خير في الفريقين؟
فالجواب : أن معناه أهم خير في القوة والشوكة كقوله تعالى : (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ) [القمر : ٤٣] بعد ذكر آل فرعون (١١).
قوله : (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) يجوز فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون معطوفا على قوم «تبّع».
__________________
(١) سقط كذلك من ب.
(٢) انظر المجاز لأبي عبيدة ٢ / ٢٠٩.
(٣) في عامة التفسير : أنه مؤمن وصالح لا صابىء كما في النسختين فهذا تحريف.
(٤) في النسختين : وقالت والأصح : وقال كعب كما أثبت أعلى وكما نقلته التفاسير.
(٥) أبو زيادة من النسختين وانظر فيما سبق الرازي السابق والقرطبي ١٦ / ١٤٤ ، ١٤٦ والكشاف ٣ / ٥٠٥.
(٦) مسند الإمام أحمد ٥ / ٣٤٠.
(٦) مسند الإمام أحمد ٥ / ٣٤٠.
(٧) كذا في الكشاف وغيره وفي القرطبي عبر.
(٨) وانظر الرازي والكشاف والقرطبي المراجع السابقة.
(٩) ما بين القوسين كله سقط من ب.
(١٠) الخصف بمحركات علوية ثياب غليظة جدا انظر اللسان في تلك القصة خصف ١١٧٤ ، ١١٧٥ والبغوي.
(١١) الرازي ٢٧ / ٢٤٩.