«هو» في قوله (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ) مثل (يُلْقِي الرُّوحَ) ولكن (يُلْقِي الرُّوحَ) قد علل بقوله «لينذر» ثم استطرد لذكر أحوال يوم التلاق إلى قوله (وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) فبعد لذلك عن أخواته (١).
الثاني : أنه متصل بقوله «وأنذرهم» لما أمر بإنذاره يوم الآزفة وما يعرض فيه من شدة الغمّ والكرب وأن الظالم لا يجد من يحميه ولا شفيع له ، ذكر اطّلاعه على جميع ما يصدر من الخلق سرّا وجهرا إذ المعنى أنه تعالى عالم لا يخفى عليه مثقال ذرة في السماوات والأرض ، والحاكم إذا بلغ في العلم إلى هذا الحد كان خوف المذنب شديدا جدا وعلى هذا فهذه الجملة لا محل لها لأنها في قوة التعليل للأمر بالإنذار (٢).
الثالث : أنها متصلة بقوله : (سَرِيعُ الْحِسابِ)(٣).
الرابع : أنها متصلة بقوله : (لا يَخْفى عَلَى اللهِ)(٤) وعلى هذين الوجهين فيحتمل أن تكون جارية مجرى العلة ، وأن تكون في محل نصب على الحال (٥).
و (خائِنَةَ الْأَعْيُنِ) فيه وجهان :
أحدهما : أنها مصدر بمعنى الخيانة كالعافية بمعنى المعافاة (والعافية) (٦) أي يعلم خيانة الأعين أي استراق النظر إلى ما لا يحل كما يفعل أهل الريب.
والثاني : أنها صفة على (٧) بابها وهو من باب إضافة الصفة للموصوف والأصل الأعين الخائنة كقوله :
٤٣٣٠ ـ ......... |
|
وإن سقيت كرام النّاس فاسقينا (٨) |
وقد رده الزمخشري وقال : لا يحسن أن يراد الخائنة من الأعين لأن قوله : (وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) لا يساعد عليه (٩) يعني أنه لا يناسب أن يقابل المعنى إلا بالمعنى (١٠).
__________________
(١) الكشاف المرجع السابق.
(٢) قال بهذا الوجه أبو حيان في تفسيره ٧٥ / ٤٥٧ ونقله صاحب الدر ٤ / ٦٨٦.
(٣) نقله أبو حيان في المرجع السابق عن ابن عطية قال «لأن سرعة حسابه للخلق إنما هي بعلمه الذي لا يحتاج معه إلى رؤية وفكر ولا لشيء مما يحتاجه المحاسبون».
(٤) وقد حكاه ابن عطية أيضا عن جماعة واختاره قائلا : وهذا قول حسن يقويه تناسب المعنيين ويضعفه بعد الآية من الآية وكثرة الحائل. انظر المرجع السابق.
(٥) الدر المصون ٤ / ٦٨٦.
(٦) زيادة من النسختين عن الكشاف مصدر الكلام.
(٧) وقد ذكر هذين الوجهين الزمخشري في الكشاف ٢ / ٤٢١.
(٨) من بحر البسيط لبشامة بن حزن النهشلي صدره : إنا محيّوك يا سلمى فحيّينا. وشاهده كرام الناس من إضافة الصفة للموصوف ، فالأصل الناس الكرام ، وانظر توضيح المقاصد ٢ / ٢٤٦ والبحر المحيط ٧ / ٤٥٧ والخزانة ٨ / ٣٠٢ ، وعجزه في ملحقات ديوان المفضليات ٨٨٦.
(٩) الكشاف ٣ / ٤٢١.
(١٠) هذا رد أو توضيح أبي حيان لكلام الزمخشري في البحر ٧ / ٤٥٧ حيث يريد الزمخشري المصدر مع المصدر.