مسعود والأعمش أيضا بفتحها (١) وهي لغة ربيعة والحسن وعكرمة. وعبد الله أيضا بضمها ، وهي لغة محكيّة (٢) وتقدم الكلام في ذلك في أول سورة البقرة ، وأنه قرىء هناك بالعين المهملة (٣).
قوله : (فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ) أي من بعد إضلال الله إياه. قال الواحدي : ليس يبقى للقدرية مع هذه الآية عذر ولا حيلة ؛ لأن الله تعالى صرح منعه إياهم عن الهدى بعد أن أخبر أنه ختم على سمع هذا الكافر وقلبه وبصره (٤). ثم قال : (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) قرأ العامة بالتشديد ، والجحدريّ بتخفيفها والأعمش تتذكرون بتاءين (٥).
قوله : (وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) تقدم نظيره. وقرأ زيد بن علي نحيا بضم النون(٦).
فإن قيل : الحياة متقدمة على الموت في الدنيا فمنكر القيامة كان يجب أن يقول : نحيا ونموت ، فما السبب في تقديم ذكر الموت على الحياة؟
فالجواب من جوه :
الأول : المراد بقوله : «نموت» حال كونهم نطفا في أصلاب الآباء وأرحام الأمهات وبقوله : «نحيا» ما حصل بعد ذلك في الدنيا.
الثاني : نموت نحن ونحيا بسبب بقاء أولادنا.
الثالث : قال الزّجاج : الواو للاجتماع (٧) والمعنى : يموت بعض ويحيا بعض.
الرابع : قال ابن الخطيب : إنّه تعالى قدم ذكر الحياة فقال : «إن (هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) ثم قال بعده : (نَمُوتُ وَنَحْيا) يعني أن تلك الحياة منها ما يطرأ عليها الموت وذلك في حق الذين ماتوا ومنها ما لم يطرأ عليه الموت بعد ، وذلك في حق الأحياء الذين لم يموتوا بعد (٨).
قوله : (وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ) أي وما يفنينا إلا مرّ الزمان ، وطول العمر ، واختلاف الليل والنهار (وَما لَهُمْ بِذلِكَ) الذي قالوه (مِنْ عِلْمٍ) أي لم يقولوه عن علم علموه (إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ). روى أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : قال الله تعالى : «لا يقل ابن آدم يا خيبة الدّهر فإنّي أنا الدّهر أرسل اللّيل والنّهار فإذا شئت
__________________
(١) انظر السبعة والكشف السابقين.
(٢) ذكرت في البحر المحيط ٨ / ٤٩ والكشاف ٣ / ٥١٢ بدون نسبة وهي شاذة.
(٣) رويت عن طاووس هنا وفي البقرة أيضا وانظر مختصر ابن خالويه ١٣٨.
(٤) الرازي ٢٧ / ٢٦٩.
(٥) انظر البحر المحيط ٨ / ٤٩.
(٦) من القراءات الشاذة انظر المرجع السابق ، وشواذ القرآن ٢٢١.
(٧) معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٤٣٤.
(٨) الرازي ٢٧ / ٢٦٩.