حال (١). قال الليث : الجثو الجلوس على الركب كالجثيّ بين يدي الحاكم (٢) ، وذلك لأنها خائفة والمذنب مستوفز (٣). وقيل : مجتمعة ، ومنه الجثوة للقبر لاجتماع الأحجار عليه ، قال (الشاعر)(٤) (رحمه (٥) الله) :
٤٤٤٦ ـ ترى جثوتين من تراب عليهما |
|
صفائح صمّ من صفيح منضّد (٦) |
قال ابن عباس ـ (رضي الله عنهما) (٧) ـ جاثية مجتمعة مرتقبة لما يعمل بها (٨). قال الزمخشري وقرىء : جاذية (٩) ـ بالذال المعجمة ـ قال : والجذو أشد من الجثو ، لأن الجاذي هو الذي يجلس على أطراف أصابعه ، وهو أشد استيفازا من الجاثي (١٠).
قوله : (كُلَّ أُمَّةٍ) العامة على الرفع بالابتداء ، و «تدعى» خبرها. ويعقوب بالنصب(١١) على البدل من (كُلَّ أُمَّةٍ) الأولى ، بدل نكرة موصوفة من مثلها.
قوله : إلى كتابها» أي إلى صحائف أعمالها ، فاكتفي باسم الجنس كقوله تعالى بعد ذلك: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا). قال سلمان الفارسي : إن في القيامة ساعة هي عشر سنين ، يخرّ الناس فيها جثاة على ركبهم ، حتى إبراهيم ينادي ربه لا أملك إلا نفسي. قوله : (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ) هذه الجملة معمولة لقول مضمر ، التقدير : يقال لهم اليوم تجزون و «اليوم» معمول لما بعده و (ما كُنْتُمْ) هو المفعول الثاني (١٢).
فإن قيل : الجثو على الركب إنما يليق بالخائف ، والمؤمنون لا خوف عليهم يوم القيامة!
فالجواب : أن الجاثي الآمن قد يشارك المبطل في مثل هذه الحالة (إلى) (١٣) أن يظهر كونه محقا.
__________________
(١) الدر المصون السابق أيضا.
(٢) انظر غريب القرآن ٤٠٥ والمجاز ٢ / ٢١٠ واللسان (جثا) ٥٤٦ والبحر ٨ / ٥٠ والقرطبي ١٦ / ١٧٤.
(٣) والمستوفز هو الذي رفع أليتيه ووضع ركبته. وانظر اللسان المرجع السابق.
(٤) لفظ الشاعر زائد من ب.
(٥) الجملة الدعائية تلك زائدة من أفقط.
(٦) من بحر الطويل لطرفة الشاعر الشهير يصف قبرين لغنيّ وفقير ، وهما سواء في هذين القبرين فلا يضر الفقير فقره ولا ينفع الغني غناه والشاهد : جثوتين مثنى جثوة بتثليث الفاء ضما وكسرا وفتحا وهي الحجارة. وروي في اللسان مصمّد وهي قافية بيت آخر في نفس القصيدة ، وانظر اللسان جثا ٥٤٦ والبحر المحيط ٨ / ٥٠ والسبع الطوال لابن الأنباري ٢٠٠ والقرطبي ١٦ / ١٧٤.
(٧) زيادة من أ.
(٨) البحر ٨ / ٥٠.
(٩) ولم تنسب إلى من قرأ بها. وانظر البحر ٨ / ٥٠ والإبدال لابن السكيت ١٠٨ وأمالي القالي ٢ / ١٢٠ وهي شاذة.
(١٠) الكشاف ٣ / ٥١٣.
(١١) وهي قراءة الأعرج أيضا المحتسب ٢ / ٢٦٢ ومختصر ابن خالويه ١٣٨.
(١٢) الكشاف ٣ / ٥١٣ والدر المصون ٤ / ٨٤١.
(١٣) سقط من ب وانظر الرازي ٢٧ / ٢٧٢.