قوله : «لسانا» حال من الضمير في «مصدّق» ويجوز أن يكون حالا من «كتاب» والعامل التنبيه (١) ، أو معنى الإشادة. و «عربيا» صفة ل «لسانا» وهو المسوغ لوقوع هذه الجامدة حالا ، وجوز أبو البقاء أن يكون مفعولا به ناصبه (٢) «مصدق» وعلى هذا تكون الإشارة إلى غير القرآن ؛ لأن المراد باللسان العربي القرآن. وهو خلاف الظاهر. وقيل : هو على حذف مضاف ، أي مصدّق ذا لسان عربيّ (٣) وهو النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقيل : هو على إسقاط حرف الجر ، أي بلسان (٤) وهو ضعيف.
قوله : «لتنذر» متعلق بمصدّق ، و «بشرى» عطف على محلّه تقديره : للإنذار وللبشرى (٥). ولما اختلف العلة والمعلول وصل العامل إليه باللام ، وهذا فيمن قرأ بتاء الخطاب (٦). فأما من قرأ بياء الغيبة (٧) ـ وقد تقدم ذلك في يس ـ فإنّهما متّحدان. وقيل : بشرى عطف على لفظ «لتنذر» أي فيكون مجرورا فقط (٨). وقيل : هي مرفوعة على خبر ابتداء مضمر تقديره (٩) : هي بشرى. ونقل أبو حيان (١٠) وجه النصب عطفا على محل «لتنذر» عن الزمخشري (١١) وأبي البقاء ثم قال : «وهذا لا يصح على الصحيح من مذاهب النحويين ، لأنهم يشترطون في الحمل على المحل أن يكون بحقّ الأصالة. وأن يكون للموضع محرز (١٢). وهنا المحل ليس بحق الأصالة ؛ إذ الأصل في المفعول الجر (له) (١٣) ، والنصب ناشىء عنه ، لكنه لما كثر بالشروط المذكورة وصل إليه الفعل فنصبه» (١٤). انتهى.
قوله : الأصل في المفعول له الجر بالحرف ممنوع بدليل قول النحويين إنه ينصب
__________________
(١) يقصد الهاء من قوله : «وهذا» وانظر البحر المحيط ٨ / ٥٩ والتبيان ١١٥٥ والبيان ٢ / ٣٦٩ والحال في الحقيقة هو «عربيا» فيكون «لسانا» توطئة للحال أي تأكيدا. انظر القرطبي ١٦ / ١٩١ والبحر المرجع السابق.
(٢) أي هذا الكتاب يصدق لسان محمد صلىاللهعليهوسلم. التبيان ١١٥٥.
(٣) نقله أبو حيان في بحره المرجع السابق.
(٤) السابق.
(٥) قاله صاحب التبيان في مرجعه السابق ١١٥٥.
(٦) وهم أبو رجاء والأعرج وشيبة ، وأبو جعفر ، ونافع ، وابن كثير ، وهي قراءة متواترة انظر السبعة ٥٩٦ والنشر تقريبه ١٧٣ ، وابن خالويه في حجته ٣٢٦.
(٧) باقي السبعة.
(٨) أي للإنذار والبشرى.
(٩) وهو اختيار الزجاج ورجّحه قال : «الأجود أن يكون «بشرى» في موضع رفع والمعنى وهو بشرى للمحسنين» معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٤٤١.
(١٠) في البحر ٨ / ٥٩.
(١١) الكشاف ٣ / ٥٢٠.
(١٢) أي طالب لذلك المحل.
(١٣) كذا في أوفي ب : إذ الأصل في المفعول له الجر ، وهو الصحيح الموافق لما في البحر لأبي حيان فضلا عن المعنى المقصود.
(١٤) بالمعنى قليلا من البحر المحيط ٨ / ٥٩ و ٦٠.