تعالى جعله نبيا من أول عمره إلا أنه يجب أن يقال : الأغلب أن ما جاء (ه) (١) الوحي إلا بعد الأربعين وهكذا كان الأمر في حق نبينا ـ صلىاللهعليهوسلم (٢) ـ.
قوله : «أوزعني» قال ابن عباس ـ (رضي الله (٣) عنهما) ـ معناه ألهمني (٤). قال الجوهري : أوزعته أغريته به ، فأوزع به فهو موزع به أي مغرى به ، واستوزعت الله فأوزعني أي استلهمته فألهمني (٥).
قوله : (وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ) قال ابن عباس ـ (رضي الله عنهما (٦)) ـ : أجاب الله ـ عزوجل ـ دعاء أبي بكر ، فأعتق تسعة من المؤمنين يعذّبون في الله ، منهم بلال ، وعامر بن فهيرة ، فلم يرد شيئا من الخير إلا أعانه الله عليه (٧). ودعا أيضا فقال : «فأصلح (لِي فِي ذُرِّيَّتِي) فأجاب الله تعالى فلم يكن له ولد (٨) إلا آمنوا جميعا. فاجتمع له إسلام أبويه وأولاده جميعا. فأدرك أبو قحافة النّبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وابنه أبو بكر ، وابنه عبد الرحمن بن أبي بكر ، وابن عبد الرحمن أبو عتيق ، كلهم أدركوا النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولم يكن ذلك لأحد من الصحابة (٩).
قوله : (وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي) أصلح يتعدى بنفسه لقوله : (وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ) [الأنبياء : ٩٠] وإنّما تعدى ب «في» لتضمنه معنى : الطف بي في ذريتي (١٠) أو لأنه جعل الذرية طرفا للاصلاح (١١) كقوله :
٤٤٥٢ ـ يخرج في عراقيها نصلّي (١٢)
والمعنى هب لي الصلاح في ذريتي ، وأوقعه فيهم.
قوله : (إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) والمراد أن الدعاء لا يصح إلا مع التوبة ، ومع كونه من المسلمين (١٣).
قوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ) قرأ الأخوان وحفص : نتقبّل بفتح النون مبنيا للفاعل ونصب «أحسن» على المفعول به ، وكذلك «نتجاوز» والباقون بنيابتهما للمفعول ،
__________________
(١) زيادة من «أ» والرازي.
(٢) الرازي السابق.
(٣) زيادة من أ.
(٤) الرازي السابق.
(٥) صحاح الجوهري وزع.
(٦) زيادة من أ.
(٧) القرطبي ١٦ / ١٩٥.
(٨) ولا والد ولا والدة كما قال ابن عباس انظر القرطبي المرجع السابق.
(٩) القرطبي السابق.
(١٠) قاله أبو حيان في البحر ٨ / ٦١.
(١١) قاله الزمخشري في الكشاف ٣ / ٥٢١.
(١٢) بحثت كثيرا في هذا الشّعر فلم أهتد إليه ، من حيث النسبة ومن حيث الصّدر والعجز ، وشاهده في ظرفية في.
(١٣) قاله الرازي في تفسيره ٢٨ / ٢١.