وموسى ، وهم المذكورون على النّسق في سورة الأعراف والشّعراء.
وقال مقاتل : هم ستة ، نوح صبر على أذى قومه ، كانوا يضربونه حتى يغشى عليه ، وإبراهيم صبر على النار وذبح الولد ، وإسحاق صبر على الذبح ، ويعقوب ، صبر على فقد ولده ، وذهاب بصره ، ويوسف صبر في الجبّ والسّجن ، وأيوب صبر على الضرّ. وقال ابن عباس وقتادة : هم نوح ، وإبراهيم ، وموسى وعيسى أصحاب الشرائع ، فهم مع محمّد خمسة. قال البغوي : ذكرهم الله على التخصيص في قوله : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) [الأحزاب : ٧] وفي قوله : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً) [الشورى : ١٣] الآية (١) روي أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال لعائشة : يا عائشة إن الله لم يرض لأولي العزم إلا بالصّبر على مكروهها ، والصبر على محبوبها لم يرض إلا أن كلفني ما كلفهم قال : (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) ، وإني والله لا بدّ لي من طاعة ، والله لأصبرنّ كما صبروا وأجهدنّ ولا قوة إلا بالله.
قوله : (وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ) العذاب فإنه نازل بهم. قيل : إن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ضجر من قومه بعض الضّجر ، وأحبّ أن ينزل الله العذاب بمن (٢) أبى من قومه ، فأمر بالصبر ، وترك الاستعجال. ثم أخبر أن ذلك العذاب إذ أنزل بهم يستقصرون مدة لبثهم في الدنيا حتى يحسبونها ساعة من نهار فقال : (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ) من العذاب (لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ) إذا عاينوا العذاب صار طول لبثهم في الدنيا والبرزخ كأنه ساعة من النهار ، أو كان لم يكن لهول ما عاينوا ، لأن ما مضى وإن كان طويلا صار كأنه لم يكن ، قال الشاعر :
٤٤٦١ ـ كأنّ شيئا لم يكن إذا مضى |
|
كأنّ شيئا لم يكن إذا أتى (٣) |
واعلم أنه تم الكلام ههنا.
قوله : «بلاغ» العامة على رفعه. وفيه وجهان :
أحدهما : أنه خبر مبتدأ محذوف ، فقدره بعضهم : تلك الساعة بلاغ ، لدلالة قوله : (إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ)(٤). وقيل : تقديره هذا أي القرآن والشرع بلاغ من الله إليكم (٥).
والثاني : أنه مبتدأ والخبر قوله «لهم» الواقع بعد قوله (وَلا تَسْتَعْجِلْ) أي لهم بلاغ
__________________
(١) انظر معالم التنزيل له ٦ / ٤٧.
(٢) في ب ممن غير مراد.
(٣) في الرازي : لم يزل وقد أتى به استئنافيّا للمعنى المذكور أعلى وانظر الرازي ٢٨ / ٣٥ والبيت لم أعرف قائله وهو من بحر الرجز.
(٤) ذكره أبو حيان ولم يعيّنه انظر البحر ٨ / ٦٩.
(٥) انظر المرجع السابق وهو رأي الحسن فيما نقله القرطبي في الجامع ١٦ / ٢٢٢.