بالرفع لقيامه مقام الفاعل (١). وقرىء : تضلّ بفتح التاء أعمالهم بالرفع فاعلا (٢). والفاء في قوله: (فَلَنْ يُضِلَّ) جزائية ؛ لأن قوله تعالى : (وَالَّذِينَ قُتِلُوا) فيه معنى الشرط. قال قتادة : ذكر لنا أن هذه الآية نزلت يوم أحد ، وقد فشت في المسلمين الجراحات والقتل.
قوله : «سيهديهم» أيام حياتهم في الدنيا إلى أرشد الأمور وفي الآخرة إلى الدرجات (وَيُصْلِحُ بالَهُمْ) برضى خصمائهم وتقبل أعمالهم. وقد تقدم تفسيره في قوله تعالى : (أَصْلَحَ بالَهُمْ) والماضي والمستقبل راجع إلى أن هناك وعدهم ما وعدهم بسبب الإيمان ، والعمل الصالح ، وكان قد وقع منهم فأخبر عن الجزاء أيضا بصيغة الوقوع.
وههنا وعدهم بسببه القتل والقتال وكان في اللفظ ما يدل على الاستقبال ، لأن قوله (فَإِذا لَقِيتُمُ) يدل على الاستقبال فقال : (يُصْلِحُ بالَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ).
قوله : (عَرَّفَها لَهُمْ) يجوز فيها وجهان :
أحدهما : أن تكون مستأنفة.
والثاني : أن تكون حالا.
فيجوز أن تضمر «قد» ، وأن لا تضمر (٣) ، و «عرّفها» من التعريف الذي هو ضد الجهل والمعنى أن كل أحد يعرف منزله في الجنة. وقيل : الملك الموكل بأعماله يهديه. وعن ابن عباس ـ (رضي الله عنهما) (٤) ـ أنه من العرف وهو الطيب أي طيّبها لهم (٥). وقال الزمخشري: يحتمل أن يقال : عرّفها لهم من عرّف الدّار وأورثها (٦) أي حددها ، وتحديدها في قوله تعالى : (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) [آل عمران : ١٣٣] ، ويحتمل أن يقال : المراد هو قوله تعالى لهم : (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها) [الزخرف : ٧٢] فيشير إليها معرفا لهم بأنها هي تلك. وقيل : عرفها لهم وقت القتل ، فإن الشهيد وقت وفاته يعرض عليه منزله في الجنة فيشتاق إليه (٧). وقرأ أبو عمرو ـ في رواية ـ ويدخلهم ـ بسكون اللام (٨) وكذا ميم ويطعمهم (٩) وعي ن يجمعنكم [النساء : ٨٧] كان
__________________
(١) شاذة أيضا انظر البحر والكشاف والمختصر السابقات.
(٢) الذي في البحر والكشاف : يضل بفتح الياء لا التاء ولم أعثر عليها قراءة بالتاء ولعل ذلك تحريف من النساخ ولم تنسب في المرجعين هذين. وهي شاذة.
(٣) انظر التبيان : ١١٦٠.
(٤) زيادة من (أ).
(٥) انظر الرازي ٢٨ / ٤٨ والقرطبي ١٦ / ٢٣١.
(٦) كذا في النسختين والأصح كما في الكشاف ونقله عن الرازي : وأرفها.
(٧) انظر هذه الأوجه في الرازي ٢٨ / ٤٨ والقرطبي ١٦ / ٢٣١.
(٨) لم ترو عنه في المتواتر انظر البحر ٨ / ٧٦.
(٩) لعله قصد «نطعمكم» من الآية ٩ من الإنسان.