مفسدا ، أو هرما مفنّدا ، أو موتا مجهزا أو الدّجّال ، والدّجّال شرّ غائب ينتظر أو السّاعة ، والسّاعة أدهى وأمرّ» (١). وسميت القيامة بالساعة لسرعة الأمور الواقعة فيها من البعث والحشر والحساب.
قوله : (أَنْ تَأْتِيَهُمْ) بدل من الساعة بدل اشتمال. وقرأ أبو جعفر الرؤاسيّ (٢) : إن تأتيهم بإن الشّرطية (٣) وجزم ما بعدها. وفي جوابها وجهان :
أحدهما : أنه قوله : (فَأَنَّى لَهُمْ) قاله الزمخشري. ثم قال : فإن قلت : بم يتصل قوله : (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) على القراءتين؟ قلت : بإتيان الساعة اتصال العلة بالمعلول كقولك : إن أكرمني زيد فأنا حقيق بالإكرام أكرمه (٤).
والثاني : أن الجواب قوله : (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) وإتيان الساعة وإن كان متحقّقا إلا أنهم عوملوا معاملة الشّاكّ وحالهم كانت كذا (٥).
قوله : (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) الأشراط جمع شرط ـ بسكون الراء وفتحها ـ قال أبو الأسود :
٤٤٧٢ ـ فإن كنت قد أزمعت بالصّرم بيننا |
|
فقد جعلت أشراط أوّله تبدو (٦) |
والأشراط العلامات. ومنه أشراط الساعة. وأشرط الرّجل نفسه أي ألزمها أمورا.
قال أوس :
٤٤٧٣ ـ فأشرط فيها نفسه وهو معصم(٧) |
|
فألقى بأسباب له وتوكّلا (٨) |
والشرط القطع أيضا مصدر شرط الجلد يشرطه شرطا.
__________________
(١) ذكره الترمذي في باب الزهد رقم ٣.
(٢) في (ب) الرؤاس وقد سبق التعريف بالرّؤاسيّ.
(٣) قراءة شاذة انظر الكشاف ٣ / ٥٣٤ ومختصر ابن خالويه ١٤٠.
(٤) الكشاف ٣ / ٥٣٤ و ٥٣٥.
(٥) وهذا رأى أبي حيان في البحر ٨ / ٧٩.
(٦) من الطويل وهو لأبي الأسود والصّرم ـ بالفتح والضم ـ القطع يقول : علامات الصرم تظهر في أول الوصل. والشاهد : أشراط فهي جمع شرط بفتح وسكون وهو العلامة وانظر الكشاف ٣ / ٥٣٥ وشرح شواهده ٤ / ٨٣٧ والقرطبي ١٦ / ١٤٠ والبحر ٨ / ٧٠ وفتح القدير ٥ / ٣٥ والسراج المنير ٤ / ٢٩.
(٧) في الدّيوان واللسان والقرطبي والمؤلف رواه كرواية البحر المحيط.
(٨) من الطويل كسابقه. وشاهده : فأشرط أي ألزم نفسه أمورا. وانظر الديوان ٨٦ والقرطبي ١٦ / ٢٤٠ واللسان شرط ٢٣٦ والبحر ٨ / ٧١ والطبري ٢٦ / ٣٣ والضمير في «فيها» راجع إلى الجبال وأعصم يجوز أن يكون من قولهم : أعصم الراكب إذا لم يثبت على الفرس ، وأن يكون من أعصم به إذا تمسك به. والأسباب الحبال وتوكل عليه أي وثق وهو يصف رجلا تدلى من رأس الجبل ليقطع النّبعة لاتخاذ القوس منها. وانظر مجمع البيان ٩ / ١٥٣.