إله إلا الله أي يأتي بالساعة كما قال : (أَزِفَتِ الْآزِفَةُ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ) [النجم : ٥٧ ـ ٥٨]. وقيل : فاعلم أنّه لا إله إلا الله ينفعك ، قيل الخطاب للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والمراد غيره. وقيل : معناه فاثبت عليه. وقال الحسين بن الفضل : فازدد علما إلى علمك. وقال أبو العالية وابن عيينة : معناه إذا جاءتهم الساعة فاعلم أنه لا ملجأ ولا مفزع عند قيامها إلا الله (١). ثم قال : «فاستغفر (لِذَنْبِكَ) أمر بالاستغفار مع أنه مغفور له لتستنّ به أمته. وقيل : معنى قوله لذنبك أي لذنب أهل بيتك الذين ليسوا منك بأهل بيت. وقيل : المراد النبي ؛ والذنب هو ترك الأفضل الذي هو بالنسبة إليه ذنب وحسناتنا دون ذلك (٢). قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : إنّه ليغان على قلب وإنّي لأستغفر الله في كلّ يوم مائة مرّة.
قوله : (وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) هذا إكرام من الله تعالى لهذه الأمة حيث أمر نبيهم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن يستغفر لذنوبهم (وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ) قال ابن عباس والضحاك : متقلبكم : منصرفكم ومنشركم في أعمالكم في الدنيا «ومثواكم» مصيركم في الآخرة إلى الجنة أو إلى النار. وقال مقاتل وابن جرير : متقلبكم منصرفكم لأشغالكم بالنهار ومثواكم مأواكم إلى مضاجعكم بالليل. وقال عكرمة : متقلبكم في أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات ومثواكم ومقامكم في الأرض. وقال ابن كيسان : متقلبكم من ظهر إلى بطن ومثواكم مقامكم في القبور ، وقيل : معناه أنه عالم بجميع أحوالكم فلا يخفى عليه شيء منها (٣).
قوله : (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ) أي هلّا. ولا التفات إلى قول بعضهم(٤) إنّ «لا» زائدة. والأصل لو نزلت. والعامة على رفع محكمة لقيامها مقام الفاعل. وزيد بن عليّ بالنصب فيهما على الحال (٥). والقائم مقام الفاعل ضمير السورة المتقدمة وسوّغ وقوع الحال كذا وصفها كقولك : الرّجل جاءني رجلا صالحا وقرىء : فإذا نزلت سورة (٦). وقرأ زيد بن عليّ وابن عمير «وذكر» مبنيا للفاعل أي الله تعالى «القتال» نصبا (٧).
__________________
(١) انظر تلك الأقوال في القرطبي ١٦ / ٢٤١ و ٢٤٢ والرازي ٢٠٨ / ٦٣.
(٢) الرازي ٢٨ / ٦١ والقرطبي ١٦ / ٢٤٢ و ٢٤٣.
(٣) القرطبي والرازي السابقين والبحر ٨ / ٨٠.
(٤) ولعله الفراء حيث أكد في المعاني ٢ / ٣٧٧ تركيبها قال : «لولا» التي هي «لو» ضمت إليها «لا» فصارتا حرفا واحدا. وهو رأي المبرد أيضا في المقتضب ٣ / ٧٦ وكذلك ابن الشجري في أماليه ٢ / ٧٦ وقد قال بالتركيب الذي أضاف معنى جديدا كل من ابن يعيش ٨ / ١٤٤ وابن الأنباري في الإنصاف ٢١٥. وانظر قضايا التركيب ٢٨٦ : ٢٨٨.
(٥) قراءة شاذة غير متواترة انظر البحر ٨ / ٨١.
(٦) كذا في البحر المحيط لأبي حيان ٨ / ٨١ ، وذكر القرطبي في الجامع ١٦ / ٢٤٣ : فإذا أنزلت سورة محدثة وكلتا القراءتين شاذة.
(٧) المرجعين السابقين.