قال قتادة : هم كفار أهل الكتاب كفروا بمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بعدما عرفوه ووجدوا نعته في كتابهم. وقال ابن عباس والضحاك والسدي : هم المنافقون (١).
قوله : (الشَّيْطانُ سَوَّلَ) لم» أي زين لهم القبيح. وهذه الجملة خبر : (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ)(٢) وتقدم الكلام على سوّل معنى واشتقاقا. وقال الزمخشري هنا : وقد اشتقه من السّؤل من لا علم له بالتصريف والاشتقاق جميعا (٣). قال شهاب الدين : كأنه يشير إلى ما قاله ابن بحر (٤) من أن المعنى أعطاهم سؤلهم. ووجه الغلط فيه أن مادة السّول من السؤال بالهمز ومادة هذا بالواو فافترقا ، فلو كان على ما قيل لقيل سأّل بتشديد الهمزة لا بالواو. وفيما قاله الزمخشري نظر ؛ لأن السؤال له مادتان سأل بالهمزة وسال بالألف المنقلبة من واو. وعليه قراءة(٥) : (سَأَلَ سائِلٌ) وقوله :
٤٤٧٩ ـ سألت هذيل رسول الله فاحشة |
|
ضلّت هذيل بما سالت ولم تصب (٦) |
وقد تقدم هذا في البقرة مستوفى (٧).
قوله : (وَأَمْلى لَهُمْ) العامة على أملى مبنيا للفاعل وهو ضمير الشيطان. وقيل : هو للباري تعالى. قال أبو البقاء : على الأول : يكون معطوفا على الخبر. وعلى الثاني : يكون مستأنفا (٨). ولا يلزم ما قاله بل هو معطوف على الخبر في كلا التقديرين أخبر عنهم بهذا وبهذا.
وقرأ أبو عمرو في آخرين أملي (٩) مبنيا للمفعول. والقائم مقام الفاعل الجار. وقيل : القائم مقامه ضمير الشيطان ذكره أبو البقاء (١٠). وقرأ يعقوب وسلّام ومجاهد وأملي ـ بضم الهمزة وكسر اللام وسكون الياء ـ فاحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون مضارعا مسندا لضمير المتكلم أي وأملي (١١) أنا لهم ، وأن
__________________
(١) القرطبي ١٦ / ٢٤٩.
(٢) نقله في التبيان ١١٦٣.
(٣) الكشاف ٣ / ٥٣٧.
(٤) سبق التعريف به.
(٥) وهي قراءة نافع وابن عامر. انظر البحر ٨ / ٢٣٢ والكشاف ٤ / ١٥٦ وهي متواترة وهي لغة قريش أو على لغة من قال : سلت أسال. وقد حكاها سيبويه. ويجوز أن تكون على قلب الهمزة ألفا على غير قياس ، وإنما القياس بين بين انظر الكشاف والبحر السابق.
(٦) من البسيط لحسان ـ رضي الله عنه ـ والشاهد : سالت أي سألت حيث فيه ما فيه مما ذكرت أعلى.
وقد تقدم.
(٧) في قوله تعالى : «سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ» من الآية ٢١١. ولم يزد على ما قاله كل من أبي حبان والزمخشري السابقين.
(٨) التبيان ١١٦٣.
(٩) وهي قراءة متواترة انظر الكشف لمكي ٢ / ٢٧٧.
(١٠) التبيان المرجع السابق.
(١١) أي أنظر أنا كقوله : «أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ» *.