الثالث : أن الواو مزيدة (١). والتعليل لما قبله أي وكفّ لتكون (٢).
قوله : (وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) يثيبكم على الإسلام ، ويزيدكم بصيرة ويقينا بصلح الحديبية وفتح خيبر ، وذلك أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لما رجع من الحديبية أقام بالمدينة بقية ذي الحجة وبعض المحرّم ، ثم خرج في سنة سبع إلى خيبر. روى أنس بن مالك (رضي الله عنه) (٣) أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان إذا غزا بنا قوما لم يكن يغير بنا حتى يصبح وينظر ، فإن سمع أذانا كفّ عنهم ، وإن لم يسمع أذانا أغار عليهم ، قال : فخرجنا إلى خيبر ، فانتهينا إليهم ، فلما أصبح لم يسمع أذانا (ركب) (٤) وركبت خلف أبي طلحة ، وإن قدمي لتمسّ قدم النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : فخرجوا إلينا بمكاتلهم ومساحيهم فلما رأوا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قالوا محمد ، والله محمد والخميس أي محمد والجيش ، فلما رآهم رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : الله أكبر الله أكبر خربت خيبر ، إنّا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين (٥). وروى (٦) إياس بن سلمة قال حدثني أبي قال : خرجنا إلى خيبر مع رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : فجعل عمي يرتجز بالقوم :
٤٤٩٢ ـ تالله لولا الله ما اهتدينا |
|
ولا تصدّقنا ولا صلّينا |
ونحن من فضلك ما استغنينا |
|
فثبّت الأقدام إن لاقينا |
وأنزلن سكينة علينا (٧) |
فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من هذا؟ فقال : أنا عامر ، قال : غفر الله لك ربك. وما استغفر رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لإنسان يخصّه إلا استشهد. قال : فنادى عمر بن الخطّاب ـ رضي الله عنه ـ وهو على جمل له : يا نبيّ الله لولا متّعتنا بعامر قال : فلما قدمنا خيبر خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه يقول :
٤٤٩٣ ـ قد علمت خيبر أنّي مرحب |
|
شاكي السّلاح يطل مجرّب |
__________________
(١) عند الكوفيين فقط.
(٢) المرجعين السابقين.
(٣) زيادة من أ.
(٤) كذلك زيادة من أ.
(٥ و ٦) انظر معالم التنزيل للبغوي ٦ / ١٩٨ و ١٩٩.
(٧) أرجاز لعبد الله بن رواحة ، أو عامر بن الأكوع ، أو كعب بن مالك ، وهي في ابن يعيش ٣ / ١١٨ وطبقات الشافعية ١ / ٢٥٧ و ٢٥٨ والهمع ٢ / ٤٣١ والأشموني ٤ / ٢٨ و ٥٠ والمقتضب ٣ / ١٣ والمغني ٣٣٩ ، وشرح شواهده للسيوطي ٢٨٦ و ٢٨٧ و ٧٥٩ وفي المغني أيضا ٩٨ و ٢٦٩ و ٣١٧ ومجمع البيان ٩ / ١٨١ والسراج المنير ٤ / ٤٨.