الأول : أنه ضمير عائد على حال المضاف إلى الذين ، كما تقدم تقريره (١).
الثاني : أنه ضمير يعود على جدالهم المفهوم من «يجادلون» كما تقدم تقريره أيضا (٢).
الثالث : أنه الكاف في «كذلك». قال الزمخشري : وفاعل «كبر» قوله : كذلك ، أي كبر مقتا مثل ذلك الجدال ، و (يَطْبَعُ اللهُ) كلام مستأنف (٣). ورده أبو حيان : بأن فيه تفكيكا للكلام وارتكاب مذهب ليس بصحيح ، أما التفكيك فلأن ما جاء في القرآن من «ذلك يطبع أو تطبع» إنما جاء مربوطا بعضه ببعض ، وكذلك هذا (٤) وأما ارتكاب مذهب غير صحيح فإنه جعل الكاف اسما ، ولا يكون اسما إلا في ضرورة خلافا للأخفش (٥).
الرابع : أن الفاعل محذوف نقله الزمخشري ، قال : ومن قال كبر مقتا عند الله جدالهم فقد حذف الفاعل والفاعل لا يصح حذفه. قال شهاب الدين : القائل بذلك هو الحوفيّ لكنه لا يريد بذلك تفسير الإعراب إنما يريد به تفسير المعنى ، وهو معنى ما تقدم من أنّ الفاعل ضمير يعود على جدالهم المفهوم من فعله ، فصرح به الحوفي بالأصل ، وهو الاسم الظاهر ، ومراده ضمير يعود عليه (٦).
الخامس : أن الفاعل ضمير يعود على ما بعده ، وهو التمييز ، نحو : نعم رجلا زيد ، وبئس غلاما عمرو (٧).
السادس : أنه ضمير يعود على من في قوله : (مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ) وأعاد الضمير من كبر مقتا اعتبارا بلفظها وحينئذ يكون قد راعى لفظ من أولا في قوله كبر مقتا (٨).
وهذا كله إذا أعربت «الذين» تابعا ل (مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ) نعتا أو بيانا ، أو بدلا. وقد تقدم أن الجملة من قوله (كَبُرَ مَقْتاً) فيها وجهان :
أحدهما : الرفع ، إذا جعلناها خبر المبتدأ.
والثاني : أنها لا محل لها ، إذا لم نجعلها خبرا ، بل هي جملة استئنافية.
وقوله : (عِنْدَ اللهِ) متعلق «بكبر» ، فكذلك قد تقدم أنه يجوز أن يكون خبر المبتدأ محذوفا وأن يكون فاعلا وهما ضعيفان.
والثالث ـ وهو الصحيح ـ : أنه معمول ل «يطبع» أي مثل ذلك الطبع يطبع الله (٩) ، و (يَطْبَعُ اللهُ) فيه وجهان :
__________________
(١) قاله السمين في الدر المصون ٤ / ٦٩٥.
(٢) ذكره أبو حيان في بحره ٧ / ٤٦٥.
(٣) الكشاف ٣ / ٤٢٧.
(٤) في البحر : فكذلك هنا.
(٥) في البحر لا يجوز على مذهب البصريين إلا الأخفش وانظر البحر ٧ / ٤٦٤ و ٤٦٥.
(٦) انظر معاني الفراء ٣ / ٨ والكشاف ٣ / ٤٢٧ والدر ٤ / ٤٩٨.
(٧ و ٨ و ٩) الدر المصون ٤ / ٦٩٨ السابق بايضاح لكلام أبي حيان في البحر ٤ / ٤٦٥.