الشرط مقدر أي فهو المانّ عليكم لا أنتم (١) عليه وعليّ.
فإن قيل : كيف منّ عليهم بالهداية إلى الإيمان مع أنه تبين أنهم لم يؤمنوا؟.
فالجواب من ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه تعالى لم يقل : بل الله يمن عليكم أن رزقكم الإيمان بل قال : أن هداكم للإيمان.
وثانيها : أنّ إرسال الرسول بالآيات البينات هداية.
ثالثها : أنه تعالى يمنّ عليهم بما زعموا فكأنه قال : أنتم قلتم آمنا فذلك نعمة في حقكم حيث تخلصتم من النار فقال : هداكم في زعمكم ، ولهذا قال تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
ثم قال تعالى : (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ...) الآية ؛ وهذا تقرير لأول السورة حيث قال : (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ، فأخبر هنها عن علمه وبصره (٢).
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) قرأ ابن كثير بالغيبة (٣) ، نظرا لقوله : يمنّون وما بعده ، والباقون بالخطاب ، نظرا إلى قوله : لا تمنّوا عليّ إسلامكم إلى آخره وفي هذه الآية إشارة إلى أنه يبصر أعمال جوارحكم الظاهرة والباطنة ، لا يخفى عليه شيء.
قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «من قرأ سورة الحجرات أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من أطاع الله وعصاه» (٤). (انتهى) (٥).
تمّ الجزء السابع عشر ، ويليه الجزء الثّامن عشر
وأوّله : تفسير سورة ق
__________________
(١) كذا قدر أبو حيان في بحره المحيط السابق. وقدر الزمخشري : «إن كنتم صادقين في ادّعائكم بالإيمان فلله المنة عليكم». وانظر الكشاف ٣ / ٥٧٢.
(٢) بالمعنى من تفسير الإمام ٢٨ / ١٤٤.
(٣) وهي سبعية متواترة انظر السبعة ٦٠٦ والإتحاف ٣٩٨ وهي نفس قراءة عاصم عن أبان كما قال بذلك ابن مجاهد في السبعة وانظر الكشف ٢ / ٢٨٤.
(٤) نقله الكشاف من دون سند انظر الكشاف ٣ / ٥٧٢.
(٥) ما بين القوسين سقط من أفهو زيادة من ب.