غالب أوقاتهم يقولون : منصوب «باذكر» مقدّرا ، أو لا يكون حينئذ إلا مفعولا به لاستحالة عمل المستقبل في الزمن الماضي.
وجوزوا أن يكون منصوبا باذكر مقدرا ، أي اذكر لهم وقت الإغلال ؛ ليخافوا وينزجروا ، فهذه ثلاثة أوجه خيرها أوسطها (١).
قوله : (وَالسَّلاسِلُ) العامة على رفعها ، وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه معطوف على الأغلال. وأخبر عن النوعين بالجار ، فالجال في نية التأخير والتقدير : إذ الأغلال والسّلاسل في أعناقهم (٢).
الثاني : أنه مبتدأ ، والخبر محذوف لدلالة خبر الأول عليه (٣).
الثالث : أنه مبتدأ أيضا ، وخبره الجملة (٤) من قوله : «يسحبون» ولا بدّ من ذكر ضمير يعود عليه منها ، والتقدير : والسلاسل يسحبون بها ، حذف لقوّة الدّلالة عليه.
«فيسحبون» مرفوع المحل على هذا الوجه. وأما في الوجهين المتقدمين فيجوز فيه النصب على الحال من المضير المنويّ في الجار ، ويجوز أن يكون مستأنفا (٥).
وقرأ ابن عبّاس وابن مسعود وزيد بن عليّ وابن وثّاب ، والحسن في اختياره (وَالسَّلاسِلُ) نصبا ـ يسحبون بفتح الياء (٦) ، مبنيا للفاعل ، فيكون السلاسل مفعولا مقدما ، ويكون قد عطف جملة فعلية على جملة اسمية (٧).
قال ابن عباس في معنى هذه القراءة : إذا كانوا يجرّونها فهو أشد عليهم يكلفون ذلك ولا يطيقونه (٨).
وقرأ ابن عباس وجماعة «والسّلاسل» بالجر (٩) يسحبون مبنيا للمفعول وفيها ثلاثة تأويلات :
أحدها : الحمل على المعنى وتقديره إذ أعناقهم في الأغلال والسلاسل فلما كان
__________________
(١) قاله الإمام شهاب الدين في الدر المصون ٤ / ٧٠٧.
(٢) قاله ابن الأنباري في البيان ٢ / ٣٣٤ والسمين في الدر ٤ / ٧٠٧ والزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٣٧٨ ، وأبو البقاء في التبيان ١٠٢٢ والنحّاس في الإعراب ٤ / ٤٢.
(٣) قاله العكبري في تبيانه السابق ١٠٢٢ وكذلك السمين في الدر.
(٤) البيان لابن الأنباري المرجع السابق قال : «ومنهم من وقف على أعناقهم وابتدأ : والسلاسل يسحبون في الجحيم».
(٥) التبيان لأبي البقاء والدر المصون للسمين المرجعين السابقين.
(٦) من الشاذات غير المتواترات ذكرها الزمخشري في الكشاف ٣ / ٤٣٦ وأبو الفتح في المحتسب ٢ / ٢٤٢ وابن خالويه في المختصر ٢٣٣.
(٧) الكشاف السابق.
(٨) القرطبي ١٥ / ٣٣٢ والبحر المحيط ٧ / ٤٧٥.
(٩) البحر والكشاف السابقين.