وأمثالها في القرآن تدل على أن القوم مضطرون إلى الاعتراف بوجود الإله قال الجبائي : وهذا لا يصح لأن قوم فرعون قالوا : لا إله (لهم) (١) غيره. وقوم إبراهيم قالوا : إنّا لفي شكّ ممّا تدعوننا إليه (مريب) (٢).
وأجيب : بأنا لا نسلم أن قوم فرعون كانوا منكرين لوجود الإله ، بدليل قوله تعالى : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا) [النمل : ١٤] وقال موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ : (لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ) [الإسراء : ١٠٢] على قراءة من فتح التاء من «علمت» (٣) وهذا يدل على أن فرعون كان عارفا بالله. وأما قول قوم إبراهيم ـ (عليه الصلاة (٤) والسلام) ـ : «وإنّا (لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ) فهو مصروف إلى إثبات القيامة ، وإثبات التكليف ، وإثبات النبوة (٥).
قوله : (فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) أي لم يكذبون على الله فيقولون : إنّ الله أمرنا بعبادة الأصنام(٦)؟
قوله تعالى : (وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ) قراءة حمزة وعاصم بالجر (٧) ، والباقون بالنصب فأما الجر فعلى وجهين :
أحدهما : أنه عطف على «الساعة» أي عنده علم قيله ، أي قول محمد ، أو عيسى (٨) والقول والقال والقيل بمعنى واحد. جاءت المصادر على هذه الأوزان.
والثاني : أن الواو للقسم ، والجواب إما محذوف ، تقديره : لتنصرنّ أو لأفعلنّ بهم ما أريد وإما مذكور ، وهو قوله : إنّ هؤلاء لا يؤمنون. ذكره الزمخشري (٩). وأما قراءة النصب ففيها ثمانية أوجه :
أحدها : أنه منصوب على محل «الساعة» كأنه قيل : إنه يعلم الساعة ويعلم قيله كذا(١٠).
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) زيادة من ب.
(٣) حفص عن عاصم وهي متواترة.
(٤) زيادة من أ.
(٥) انظر الرازي ٢٧ / ٣٣٣.
(٦) الرازي السابق.
(٧) من متواتر القراءات انظر الكشف لمكي ٢ / ٢٦١ والحجة في القراءات السبع لابن خالويه ٣٢٣ والسبعة ٥٨٩ ومعاني الفراء ٣ / ٣٨.
(٨) الكشف المرجع السابق وانظر أيضا معاني الفراء ٣ / ٣٨ والمحتسب ٢ / ٢٥٨ والبيان ٢ / ٢٥٦ ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ٤٢١.
(٩) الدر المصون ٤ / ٨٠٨ ولم أجد هذا بلفظه للزمخشري في الكشاف على ما سيأتي بعد ، بل جعله الزمخشري على لفظ الساعة أو على تقدير حرف الجر كما سيأتي وانظر هذا الوجه وما قبله في التبيان ١١٤٣.
(١٠) التبيان المرجع السابق والبيان ٢ / ٣٥٥ ومعاني القرآن للزجاج ٤ / ٤٢١ والبحر المحيط ٨ / ٣٣ ، والكشاف ٣ / ٤٩٨.