والجواب : أن اللفظ المفرد الذي دخل تحته حرف التعريف الأصل فيه أن ينصرف إلى المذكور السابق ، ولا يفيد العموم ، والمذكور السابق هنا هو الكفار فينصرف إليه.
فصل
مذهب أبي حنيفة ـ (رضي الله عنه) (١) ـ أن قراءة القرآن بالمعنى جائز واحتج عليه بأنه نقل عن ابن مسعود ـ (رضي الله عنه) (٢) ـ أنه كان يقرىء رجلا هذه الآية فكان يقول : طعام اليثيم (٣) فقال : طعام الفاجر. وهذا الدليل في غاية الضعف على ما بيّن في الفقه (٤).
قوله : «كالمهل» يجوز أن يكون خبرا ثانيا ، وأن يكون خبر مبتدأ مضمر ، أي هو كالمهل. ولا يجوز أن يكون حالا من : (طَعامُ الْأَثِيمِ). قال (٥) أبو البقاء : لأنه لا عامل إذن. وفيه نظر ؛ لأنه يجوز أن يكون حالا والعامل فيه معنى التشبيه ، كقولك : زيد أخوك شجاعا(٦).
والمهل قيل : درديّ الزيت. وقيل : عكر القطران. وقيل : ما أذيب من ذهب أو فضة. وقيل : ما أذيب منهما ومن كل ما في معناهما من المنطبعات كالحديد والنّحاس والرّصاص (٧). والمهل بالفتح التّؤدة والرّفق ، ومنه : (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) [الطارق : ١٧]. وقرأ الحسن : كالمهل (٨) ـ بفتح الميم فقط ـ وهي لغة في المهل بالضم (٩). وتقدم تفسيره في الكهف (١٠).
قوله : «يغلي» قرأ ابن كثير وحفص بالياء (١١) من تحت والفاعل ضمير يعود على «طعام». وجوّز أبو البقاء أن يعود على الزقوم. وقيل : على المهل نفسه (١٢). و «يغلي»
__________________
(١ و ٢) سقط من ب.
(٣) كذا في أاليثيم وهي على ما في الكشاف ٣ / ٥٠٦ ونقله عن أبي الدرداء ، وفي ب اليتيم وفي الرازي اللئيم.
(٤) في ب اللغة والتصحيح من أوالرازي.
(٥) في ب قاله وانظر هذا الإعراب في الكشاف ٣ / ٥٠٦ والتبيان ١١٤٦.
(٦) قاله السمين في الدر ٤ / ٨١٩.
(٧) انظر هذه الأقوال في الرازي ٢٧ / ٢٥١ والكشاف ٣ / ٥٠٦ ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ٤٢٨.
(٨) من الأربع فوق العشر المتواترة ، انظر الإتحاف ٣٨٨ ومختصر ابن خالويه ١٣٧ وهي شاذة غير متواترة.
(٩) كما قال بذلك صاحب اللسان قال : «والمهل والمهلة والمهل صديد الميت» انظر اللسان (مهل) ٤٢٨٩.
(١٠) من قوله : «كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ» ٢٩ منها وانظر اللباب ٦ / ٢٣٧ ب.
(١١ و ١٢) انظر البيان ٢ / ٣٦٠ ومعاني القرآن ٣ / ٤٣ والتبيان ١١٤٦ ، وحجة ابن خالويه ٣٢٥.