جواز العطف على عاملين (١) قال شهاب الدين : والعطف على عاملين لا يختص بقراءة الأخوين ، بل يجوز أن يستدل عليه أيضا بقراءة الباقين كما سنقف عليه إن شاء الله تعالى فأما قراءة الأخوين ففيها أوجه :
أحدها : أن يكون (اخْتِلافِ اللَّيْلِ) مجرورا ب «في» مضمرة ، وإنما حذفت لتقدم ذكرها مرتين (٢) وحرف الجر إذا دلّ عليه دليل (جاز (٣) حذفه وأيضا عمله وأنشد الإمام الأستاذ سيبويه :)
٤٤٣٣ ـ ألآن قربّت تهجونا وتشتمنا |
|
فاذهب فما بك والأيّام من عجب (٤) |
تقديره : وبالأيام ، لتقدم الباء في «بك». ولا يجوز عطفه على الكاف لأنه ليس من مذهبه العطف على الضمير المجرور ، دون إعادة الجارّ (٥) ، فالتقدير في هذه الآية : «وفي اختلاف آيات» ، فآيات على ما تقدم من الوجهين في آيات قبلها العطف أو التأكيد. قالوا : ويدلّ على ذلك قراءة عبد الله (وفي اختلاف) تصريحا بفي (٦). فهذان وجهان.
الثالث : أن يعطف «اختلاف» على المجرور بفي ، وآيات على المنصوب بإن وهذا هو العطف على عاملين ، وتحقيقه على معمولي عاملين ، وذلك أنك عطفت «اختلاف» على «خلق» وهو مجرور بفي فهو معمول عامل ، وعطف «آيات» على اسم إنّ وهو معمول عامل آخر. فقد عطفت بحرف واحد وهو الواو معمولين وهما «اختلاف» و «آيات» على معمولين قبلهما وهما «خلق وآيات».
__________________
(١) البحر المحيط ٨ / ٤٣ والدر المصون ٤ / ٨٢٥.
(٢) السابق وانظر البيان لابن الأنباري ٢ / ٣٦٣ ، والكشاف ٣ / ٥٠٩.
(٣) ما بين القوسين كله ساقط من ب وبدله كلمة «شعر».
(٤) من أبيات الكتاب الخمسين المجهولة القائل ، وهو من البسيط وهو في ملحقات ديوان عمرو بن معديكرب ١٨٥ ، والشاهد : «جر الأيام» عطفا على محل الكاف في «بك» على نية تكرار العامل إلّا أنه حذف لتقدم ما يدل عليه وهو اختيار أهل البصرة ومتأخري كثير من النحاة كابن مالك كما سبق ، وانظر الكتاب ٢ / ٣٨٣ ، والإنصاف ٤٦٤ ، وابن يعيش ٣ / ٧٨ و ٧٩ والهمع ١ / ١٢٠ و ٢ / ١٣٩ والمقتضب ٩٦٠ والأشموني ٣ / ١١٥ ، والدر المصون ٤ / ٨٢٥.
(٥) ظاهر عبارته يفيد جواز العطف بدون إعادة الجار ولكن على قلة قال : «ولا يحسن لك أن تقول : مررت بك أنت وزيد ، كما جاء فيما أضمرت في الفعل نحو : قمت أنت وزيد لأن ذلك وإن كان قد أنزل منزلة آخر الفعل فليس من الفعل ولا من تمامه». ويقول أيضا : ومما يقبح أن يشركه المظهر علامة المضمر المجرور ، وذلك قولك : مررت بك وزيد ... فإذا حملنا عدم الحسن والقبح على المنع كان ذلك خاصا بالنثر في الاختيار أما في الشعر فذلك جائز عنده لأنه قال : وقد يجوز في الشعر ، وأنشد شاهدا آخر قبل هذا الذي ذكره المؤلف انظر الكتاب ٢ / ٣٨١ و ٣٨٢.
(٦) انظر المعاني للفراء ٣ / ٤٥.