عنه. وهذه الأحوال لا يقدر عليها أحد من البشر ، ولا بدّ من موجود قادر عليها وهو الله سبحانه وتعالى. وقوله (وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) إما بالتجارة وإما بالغوص على اللؤلؤ والمرجان ، أو لاستخراج اللّحم الطّريّ (١).
قوله تعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) أي خلقها مسخرة لنا. أي لنفعنا.
قوله : «جميعا» حال من (ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) أو توكيد (٢). وقد عدها ابن مالك في ألفاظه (٣) و «منه» يجوز أن يتعلق بمحذوف صفة ل «جميعا» وأن يتعلق «بسخّر» أي هو صادر من جهته ومن عنده (٤). وجوّز الزمخشري في «منه» أن يكون خبر ابتداء مضمر ، أي هنّ جميعا منه ، وأن يكون (وَما فِي الْأَرْضِ) مبتدأ و «منه» خبره (٥). قال أبو حيان : وهذان لا يجوزان إلّا على رأي الأخفش ، من حيث إنّ الحال تقدمت يعني «جميعا» فقدمت على عاملها المعنوي يعني الجار فهي نظير : زيد قائما في الدّار (٦) والعامة على «منه». وابن عباس ـ (رضي الله عنهما) (٧) ـ بكسر الميم وتشديد النون ونصب التاء (٨). جعله مصدرا من : «منّ يمنّ منّة» فانتصبا به عنده على المصدر المؤكد ، إما بعامل مضمر ، وإما بسخّر لأنه بمعناه (٩). قال أبو حاتم : سند (١٠) هذه القراءة إلى ابن عباس مظلم (١١). قال شهاب الدين : قد رويت أيضا عن جماعة جلة غير ابن عباس ، فنقلها ابن خالويه (١٢) عنه وعن عبيد بن عمير ونقلها صاحب اللوامح (١٣) وابن جني (١٤) عن ابن عباس ، وعبد الله بن عمرو والجحدريّ وعبد الله بن عبيد بن عمير (١٥). وقرأ
__________________
(١) الرازي ٢٧ / ٢٦٢.
(٢) الدر المصون ٤ / ٨٣٢.
(٣) وشرط إضافتها هي كل وعامة إلى الضمير قال : ومجيئه في الغرض الثاني (وهو التوكيد المعنوي) تابعا لذي أجزاء يصح وقوع بعضها موقعه مضافا إلى ضميره بلفظ «كل» أو جميع «أو عامة». انظر التسهيل ١٦٤.
(٤) التبيان ١١٥١ ، والكشاف ٣ / ٥١٠.
(٥) المرجع السابق.
(٦) بالمعنى من البحر المحيط ٨ / ٤٥ ، ووجدت في شرح الكافية للعلّامة الرضي : «وأجازه الأخفش بشرط تقدم المبتدأ على الحال نحو : زيد قائما في الدّار ، وذلك بناء على مذهبه من قوة الظرف حتى جاز أن يعمل عنده بلا اعتماد في الظاهر في نحو : في الدّار زيد». شرح الكافية ١ / ٢٠٤.
(٧) زيادة من أ.
(٨) شاذة من الأربع عشر وانظر الإتحاف ٣٩٠ ومختصر ابن خالويه ١٣٨ والمحتسب ٢ / ٢٦٢.
(٩) انظر المحتسب السابق ، والدر المصون ٤ / ٨٣٣.
(١٠) في ب مسند.
(١١) في البحر المحيط ظلم ، والرواية تبعا لصاحب الدر المصون ، انظر الدر المرجع السابق والبحر ٨ / ٤٥.
(١٢) مختصر ابن خالويه ١٣٨.
(١٣) انظر البحر المحيط ٨ / ٤٥.
(١٤) المحتسب ٢ / ٢٦٢.
(١٥) عبد الله بن عبيد بن عمير بن قتادة بن سعد بن عامر أبو هاشم الليثي المكي تابعي ، جليل ، وردت الرواية ـ