قوله : (أَمْ حَسِبَ) أم منقطعة فتقدر ببل والهمزة أو ببل وحدها ، أو بالهمزة وحدها(١) وتقدم تحقيق هذا.
قوله : (كَالَّذِينَ آمَنُوا) هو المفعول الثاني للجعل ، أي أن نجعلهم كائنين كالذين آمنوا أي لا يحسبون ذلك (٢). وقد تقدم في سورة الحج (٣) أنّ الأخوين وحفصا قرأوا هنا : سواء بالنصب والباقون بالرفع (٤). وتقدم الوعد عليه بالكلام هنا فنقول : أما قراءة النصب ففيها ثلاثة أوجه :
أحدها : أن ينتصب على الحال من الضمير المستتر في الجار والمجرور وهما : (كَالَّذِينَ آمَنُوا) ويكون المفعول الثاني للجعل (كَالَّذِينَ آمَنُوا) أي أحسبوا أن نجعلهم مثلهم في حال استواء محياهم ومماتهم؟ ليس الأمر كذلك (٥).
الثاني : أن يكون «سواء» هو المفعول الثاني للجعل. و «كالّذين» في محل نصب على الحال ، أي أن نجعلهم حال كونهم مثلهم سواء. وليس معناه بذاك (٦).
الثالث : أن يكون «سواه» مفعولا ثانيا «لحسب». وهذا الوجه نحا إليه أبو البقاء(٧). قال شهاب الدين : وأظنه غلطا ؛ لما سيظهر لك ، فإنه قال : ويقرأ بالنصب وفيه وجهان:
أحدهما : هو حال من الضمير في «الكاف» أي نجعلهم مثل المؤمنين في هذه الحال (٨).
الثاني : أن يكون مفعولا ثانيا لحسب والكاف حال ، وقد دخل استواء محياهم ومماتهم في الحسبان وعلى هذا الوجه (مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ) مرفوعان (بسواء) لأنه قد قوي (٩) باعتماده انتهى (١٠).
فقد صرح بأنه مفعول ثان للحسبان ، وهذا لا يصح ألبتّة ، لأن «حسب» وأخواتها إذا وقع بعدها «أنّ» المشددة و «أن» المخففة أو الناصبة سدّت مسدّ المفعولين ، وهنا قد
__________________
(١) قاله صاحب الكشاف ٣ / ٥١١ وصاحب الدر المصون ٤ / ٨٣٥.
(٢) قاله النحاس في إعراب القرآن ٤ / ١٤٥ ، والزمخشري في الكشاف ٣ / ٥١٢ والسمين في الدر ٤ / ٨٣٥.
(٣) عند قوله : «سواء العاكف فيه والباد» من الآية ٢٠٥ وانظر السبعة ٤٣٥ واللباب ٦ / ٢٩٠ ب.
(٤) السبعة ٥٩٥ ومعاني الفراء ٣ / ٣٧.
(٥) قاله السمين في الدر المصون ٤ / ٨٣٥ وجعله أبو حيان منصوبا على الحال ولم يبين صاحب الحال البحر ٨ / ٤٧ بينما حدّد أبو البقاء صاحب الحال فقال : «حال من الضمير في الكاف». بينما ارتأى مكي أن يكون حالا من الهاء والميم في نجعلهم. انظر مشكل الإعراب ٢ / ٢٩٧.
(٦) البحر المحيط ٨ / ٤٧ وحجة ابن خالويه ٣٢٥ والتبيان ١١٥٢.
(٧) المرجع الأخير السابق.
(٨) في ب الحالة.
(٩) في التبيان : «قرىء» تخريف.
(١٠) بالمعنى قليلا من التبيان ١١٥٢.