شيء؟ فزاد «من» في الواجب (١) ، وهو لا يجوز على الصحيح (٢).
قال شهاب الدين : قالوا يجوز زيادتها في غير الموجب. وفسروا غير الموجب بالنفي والنهي والاستفهام وهذا استفهام (٣).
قوله : «إذ كانوا» معمول ل «أغنى» وهي مشربة معنى التعليل ، أي لأنهم كانوا يجحدون فهو كقوله ضربته إذ أساء ، أي ضربته لأنه أساء (٤). وفي هذه الآية تخويف لأهل مكة. ثم قال : (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) يعني أنهم كانوا يطلبون نزول العذاب على سبل الاستهزاء.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى) يا كفار مكة كحجر ثمود وعاد باليمن وأرض سدوم ونحوها بالشام (وَصَرَّفْنَا الْآياتِ) الحجج بيناها لهم لعل أهل القرى يرجعون. قال الجبائي : قوله : (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) معناه لكي يرجعوا عن كفرهم وذلك يدل على أنه تعالى أراد رجوعهم ولم يرد إصرارهم وأجيب : بأنه فصل ما لو فعله غيره لكان ذلك لأجل الإرادة المذكورة وإنّما ذهبنا إلى هذا التأويل للدلائل الدالة على أنه تعالى مريد لجميع الكائنات (٥).
قوله تعالى : ولو لا (نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً) القربان ما تقرّب به إلى الله. أي اتخذوها شفعاء وقالوا : هؤلاء شفعاؤنا عند الله (٦)(ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣].
قوله : «قربانا» فيه أربعة أوجه :
أظهرها : أن المفعول الأول ل «اتّخذ» محذوف ، هو عائد المصر إلى؟؟؟ «قربانا» نصب على الحال ، و «آلهة» هو المفعول الثاني للاتّخاذ ، والتقدير فهلّا نصرهم الّذين اتّخذوهم متقرّبا بهم آلهة (٧).
__________________
(١) في البحر : في الموجب.
(٢) وانظر البحر ٨ / ٦٤.
(٣) الواقع أن ابن هشام ذكر في المغني ماهية ونوع الاستفهام وحدده بهل. وأخبرنا أن الكوفيين لا يشترطون نفيا أو نهيا أو استفهاما مستدلين بقوله : «قد كان من مطر» ويقول عمر بن أبي ربيعة ... فما قال من كاشح لم يضر. وخرج الكسائي على زيادتها : إنّ من أشدّ النّاس عذابا يوم القيامة المصوّرون وممن جوز الزيادة في الإيجاب الفارسي قال في قوله : (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ) : يجوز كون من ومن الأخيرتين زائدتين وأوله المخالفون والمشترطون لشروط الزيادة.
بتصرف من المغني ٣٢٥ و ٣٢٣.
(٤) بالمعنى من الكشاف ٣ / ٥٢٦.
(٥) الرازي ٢٨ / ٢٩.
(٦) القرطبي ١٦ / ٢٠٩.
(٧) بالمعنى من الكشاف ٣ / ٥٢٦ وإلى هذا ذهب أبو حيان في البحر ٨ / ٦٦ وقد أخذه على ما أظن من الزمخشري الأسبق.