ترى (١). وقد تقدم أن عيي وحيي فيها لغتان ، الفكّ (٢) والإدغام (٣). فأما حيي فتقدّم في الأنفال (٤) و (أما) (٥) عيي فكقوله :
٤٤٦٠ ـ عيّوا بأمرهم كما عي |
|
يت ببيضتها الحمامه (٦) |
والعي عدم الاهتداء إلى جهة. ومنه العيّ في الكلام ، وعيي بالأمر إذا لم يهتد لوجهه (٧).
قوله : «بقادر» الباء زائدة وحسّن زيادتها كون الكلام في قو ة «أليس الله بقادر» (٨). قال أبو عبيدة (٩) ، والأخفش (١٠) : الباء زائدة للتوكيد ، كقوله : (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) [المؤمنون: ٢٠] وقاس الزجا ج «ما ظننت أنّ أحدا بقائم» عليها (١١). والصحيح التوقف. وقال الكسائي (١٢) والفراء (١٣) العرب تدخل الباء في الاستفهام فتقول : ما أظنّك بقائم. وقرأ عيسى ، وزيد بن علي «قادر» بغير ياء (١٤).
قوله : «بلى» إيجاب لما تضمنه الكلام من النفي في قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا).
__________________
(١) بالمعنى من البحر المحيط ٨ / ٦٨.
(٢) كما في عيي.
(٣) وهو عيّ وحيّ.
(٤) من الآية ٤٢ وهي قوله : «لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ».
(٥) زيادة لتوضيع السياق وتبينيه.
(٦) البيت من مجزوء الكامل ، ولم أجده هكذا في الديوان وهو لعبيد بن الأبرص وإنما :
برمت بنو أسد كما |
|
برمت ببيضتها الحمامه |
وعليه فلا شاهد فيه والشاهد «عيوا» حيث أدغم يائي الفعل «عيي» وهو قليل وشاذ والأفصح الفكّ حيث لم يأت هذا إلا قليلا وانظر القرطبي ١٦ / ٢١٩ وأدب الكاتب ٥٤ والبحر ٨ / ٥٣ وفتح القدير ٥ / ٢٦ والديوان ١٣٨ دار صادر بيروت وانظر اللسان عيي ٣٢٠٢.
(٧) المرجع السابق.
(٨) بالمعنى من البحر ٨ / ٦٨.
(٩) قال : «مجازها : قادر والعرب تؤكد الكلام بالباء وهي مستغنى عنها» وانظر مجاز القرآن ٢ / ٢١٣.
(١٠) قال : «فهو بالباء كالباء في قوله : كفى بالله ، وهي مثل : تنبت بالدّهن». انظر المعاني له ٦٩٤.
(١١) قال : «ولو قلت : ظننت أن زيدا بقائم لم يجز ، ولو قلت : ما ظننت أن زيدا بقائم جاز بدخول «ما» انظر معانيه ٤ / ٧٤٧.
(١٢) القرطبي ١٦ / ٢١٩.
(١٣) قال : «دخلت الباء للم ، والعرب تدخلها مع الجحود إذا كانت رافعة لما قبلها ويدخلونها إذا وقع عليها فعل يحتاج إلى اسمين مثل قولك : ما أظنك بقائم وما أظن أنك بقائم ، وما كنت بقائم فإذا خلفت الباء نصبت الذي كانت فيه بما يعمل فيه من الفعل ، ولو ألغيت الباء من «قادر» في هذا الموضع رفعه لأنه خبر لأنّ». انظر معاني القرآن له ٣ / ٥٩ والقرطبي ١٦ / ٢١٩.
(١٤) لم أجد هذه القراءة هكذا وإنما يقدر بلفظ المضارع انظر الكشاف ٣ / ٥٢٨ ومعاني الفراء ٣ / ٥٩ وإعراب النحاس ٤ / ١٧٣ و ١٧٣ ومعاني الزجاج ٤ / ٤٤٧ ، وبها قرأ آخرون بما فيهم يعقوب انظر الإتحاف ٣٩٢ وهي من الأربعة فوق العشر المتواترة.