قوله : (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً). فيهما وجهان :
أشهرهما : أنهما منصوبان على المصدر بفعل (١) لا يجوز إظهاره ؛ لأن المصدر متى سبق تفصيلا لعاقبة جملة وجب نصبه بإضمار فعل لا يجوز إظهاره ، والتقدير : فإمّا أن تمنّوا وإمّا أن تفادوا (٢) فداء ومثله (٣) :
٤٤٦٣ ـ لأجهدنّ فإمّا درء واقعة |
|
تخشى وإمّا بلوغ السّؤل والأمل (٤) |
والثاني : قال أبو البقاء : إنهما مفعولان بهما لعامل مقدر تقديره : أولوهم منّا واقبلوا منهم فداء (٥).
قال أبو حيان : وليس بإعراب نحويّ (٦).
وقرأ ابن كثير : فدى ـ بالقصر (٧) ـ قال أبو حاتم : لا يجوز ، لأنه مصدر فاديته. ولا يلتفت إليه (٨) ؛ لأن الفرّاء حكى فيه أربع لغات المشهور المدّ والإعراب (٩) : فداء لك ، وفداء بالمد أيضا والبناء على الكسر ، والتنوين ، وهو غريب جدا. وهذا يشبه قول بعضهم : هؤلاء بالتنوين. وفدى بالكسر مع القصر ، وفدا بالفتح مع القصر أيضا (١٠). والأوزار هنا الأثقال. وهو مجاز. وقيل : هو من مجاز الحذف أي أهل الحرب. والأوزار عبارة عن آلات الحرب قال (الشاعر في معنى ذلك رحمهالله) (١١) :
__________________
(١) وإلى هذا ذهب القرطبي في الجامع ١٦ / ٢٢٦ ، والزمخشري في الكشاف ٣ / ٥٣١ والرازي في تفسيره ٢٨ / ٤٤ والنحاس في الإعراب ٤ / ١٧٩ وأبو البقاء في التبيان ١١٦٠ وابن الأنباري في البيان ٢ / ٣٧٤ والفراء في المعاني ٣ / ٥٧ وأبو عبيدة في المجاز ٢ / ٢١٤.
(٢) قدره الزمخشري في الكشاف : فإما تمنّون وإما تفدون.
(٣) بالمعنى من البحر المحيط ٨ / ٧٤ و ٧٥.
(٤) من البسيط ولم أهتد إلى قائلة والمعنى فيه واضح والشاهد : نص ب «درء وبلوغ» على المصدر بفعل واجب الإضمار حيث وقع في سياق تفسير عاقبة خبر ، فهو من المواضع التي يجب فيها حذف الفعل وجوبا. وانظر الهمع ١ / ١٩٢ والبحر المحيط ٨ / ٧٥ والسراج المنبر ٤ / ٢٣.
(٥) التبيان ١١٦٠.
(٦) في البحر : إعراب وانظر البحر المرجع السابق.
(٧) لم ترو عنه في المتواتر. انظر المختصر ١٤٠ والبحر ٨ / ٧٥ والقرطبي ١٦ / ٢٢٦ بدون نسبة.
(٨) هذا دفاع أبي حيان انظر المرجع السابق.
(٩) كذا في النّسختين وفي البحر : الإغراء وهو وإن كان جائزا إلا أن الإعراب هو المراد.
(١٠) لم أجد هذا في كتابه «معاني القرآن» وهو في المقصور والممدود له ٢٥ و ٢٦ وانظر البحر ٨ / ٧٥ وإعراب النحاس ٤ / ١٧٩.
(١١) ما بين القوسين سقط من (ب).