الثاني : أنها متعلقة بقوله : (إِنَّا فَتَحْنا)(١) لأنه روي أن المؤمنين قالوا للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ هنيئا لك إن الله غفر لك فما بالنا؟ فنزلت الآية فكأنه تعالى قال : إنا فتحنا لك ليغفر لك وفتحنا للمؤمنين ليدخلهم جنات.
الثالث : أنها متعلقة ب «ينصرك» كأنه تعالى قال : وينصرك الله بالمؤمنين ليدخل المؤمنين جنات.
الرابع : أنها متعلقة ب «يزدادوا» (٢) واستشكل هذا بأن قوله : «ويعذب» عطف عليه وازديادهم الإيمان ليس سببا عن تعذيب الله الكفار. وأجيب : بأن اعتقادهم أن الله يعذب الكفار يزيد في إيمانهم لا محالة.
وقال أبو حيان : والازدياد لا يكون سببا لتعذيب الكفار (٣). وأجيب : بأنه ذكر لكونه مقصودا للمؤمن كأنه قيل : بسبب ازديادكم في الإيمان يدخلكم الجنة ويعذب الكفار بأيديكم في الدنيا (٤). وفيه نظر لأنه كان ينبغي أن يقول : لا يكون مسبّبا عن تعذيب الكفار وهذا يشبه ما تقدم في قوله : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ)(٥).
وأجاب ابن الخطيب بوجهين آخرين :
أحدهما : (تقديره) (٦) ويعذب نقيض ما لكم من الازدياد ، يقال : فعلت لأخبر به العدوّ والصديق أي لأعرف بوجوده الصديق وبعدمه العدو ، فكذا ههنا ليزداد المؤمن إيمانا يدخله الجنة ويزداد الكافر كفرا فيعذبه (به) (٧).
وثانيهما : أن بسبب زيادة إيمان المؤمن يكثر صبرهم (٨) وثباتهم ويتعب المنافق والكافر معه ويتعذب (٩).
ثم ذكر وجوها أخر في تعلق الجار منها : أن الجار يتعلق بقوله : «حكيما» كأنه تعالى قال : ويتمّ نعمته عليك لأن الله حكيم فعل ما فعل ليدخل المؤمنين. ومنها : أن يتعلق بقوله : (وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) فيستجيب دعاءك في الدنيا ويقبل شفاعتك في العقبى ليدخل المؤمنين جنات. ومنها : أن يتعلق بأمر مفهوم من قرينة الحال وهو الأمر بالقتال لأنه لما ذكر الفتح والنصر علم أن الحال حال القتال ، فكأنه تعالى قال : إنّ الله تعالى أمر
__________________
(١) ذكره أبو حيان في البحر المحيط ٨ / ٩٠ نقلا عن الرازي ٢٨ / ٨٢.
(٢) المرجع السابق أيضا وقد ذكر الوجه السابق له أيضا أبو حيان الذي لم يرتض الأقوال الثلاثة الأخيرة قائلا : «وهذه الأقوال فيها بعد».
(٣) البحر المحيط ٨ / ٩٠.
(٤) السابق أيضا.
(٥) من إشكال الزمخشري المتقدم.
(٦) سقط من نسخة ب.
(٧) زيادة من الرازي رحمهالله تعالى.
(٨) كذا في أوفي ب بكبر. وفي الرازي : بكثرة.
(٩) وانظر الرازي ٢٨ / ٨٢.