«بفوزا» ؛ لأنه مصدر فلا يتقدم معموله عليه. ومن اغتفر ذلك في الظرف جوزه (١). قال ابن الخطيب : معناه أن ذلك الإدخال والتكفير في علم الله فوز عظيم يقال : عندي هذا الأمر على هذا الوجه أي في اعتقادي (٢).
قوله تعالى : (وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ ...) الآية. اعلم أنه قدم المنافقين على المشركين في كثير من المواضع لأمور :
أحدها : أنهم كانوا أشد على المؤمنين من الكافر المجاهر ؛ لأن المؤمن كان يتوقى المشرك المجاهر ويخالط المنافق لظنه بإيمانه وكان يفشي أسراره. وإلى هذا أشار النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بقوله «أعدى عدوّك نفسك الّذي بين جنبيك». ولهذا قال الشاعر :
٤٤٨٩ ـ احذر عدوّك مرّة |
|
واحذر صديقك ألف مرّه |
فلربّما (انقلب) (٣) الصّديق |
|
عدوّا وكان أعلم بالمضرّه (٤) |
وثانيها : أن المنافق كان يظن أن يتخلص بالمخادعة والكافر لا يقطع بأن المؤمن إن غلبه يعذبه (٥) فلهذا أول ما أخبر الله عن المنافق.
قوله : (الظَّانِّينَ بِاللهِ) صفة للفريقين. وتقدم الخلاف في السّوء في التّوبة (٦). وقرأ الحسن السّوء بالضم فيهما.
فصل
قال المفسرون : ظن السوء هو أن ينصر محمدا والمؤمنين. وقال ابن الخطيب : هذا الظن يحتمل وجوها :
أحدها : هو الظن الذي ذكره الله بقوله : (بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ) [الفتح: ١٢].
وثانيها : ظن المشركين بالله في الإشراك كقوله تعالى : (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ
__________________
(١) المرجع السابق.
(٢) تفسير الإمام ٢٨ / ٨٣ وقرر الرازي وجها غريبا وصفه بالغرابة كأنه مشى مع أبي البقاء قال : «وهو أن يجعل «عِنْدَ اللهِ» كالوصف لذلك كأنه تعالى يقول : ذلك عند الله أي بشرط أن يكون عند الله تعالى يوصف عند الله فوز عظيم». انظر الرازي السابق.
(٣) سقط من أالأصل.
(٤) يبدو أنه من البحور المهملة أو حكمة من الحكم فلم أعرف على أيّ بحر هو.
(٥) كذا في النسختين وفي الرازي : يفديه.
(٦) من الآية ٩٨ من التوبة «عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» والسوء بالفتح هو ذم للدائرة فهو نقيض : صدق ، والسّوء بالضم العذاب والسوء مصدر سؤته أسوؤه سوءا. وأما السّوء فاسم الفعل. والسّوء بالفتح أفشى في القراءة وأكثر.