وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٦) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً)(١٧)
(قوله تعالى) (١) : (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ) (إلى مغانم لتأخذوها (٢)) يعني هؤلاء الذين تخلفوا عن الحديبية (إِذَا انْطَلَقْتُمْ) سرتم وذهبتم أيها المؤمنون (إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها) يعني مغانم خيبر (ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ) إلى خيبر لنشهد معكم قتال أهلها (٣) ، وذلك أنهم لما انطلقوا انصرفوا من الحديبية وعدهم الله فتح خيبر ، وجعل غنائمها لمن شهد الحديبية خاصة عوضا من غنائم مكة إذا انصرفوا من الحديبية (منهم (٤) على صلح) ولم يصيبوا منهم (٥) شيئا ، (لأن (٦) قوله : (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ) وعد للمبايعين بالغنيمة وللمخلفين الحالفين بالحرمان).
قوله : يريد (ون) (٧) يجوز أن يكون مستأنفا وأن يكون حالا من «المخلفون» وأن يكون حالا من مفعول «ذرونا» (٨).
قوله : (كَلامَ اللهِ) قرأ الأخوان كلم جمع كلمة (٩) والباقون كلام (١٠) قيل معناه : يريدون أن يغيروا تواعد الله تعالى لأهل الحديبية ، بغنيمة خيبر خاصة (١١) وقال مقاتل : يعني أمر الله لنبيه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن لا يسيّر معه منهم أحدا. وقال ابن زيد : هو أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لما تخلف القوم أطلعه الله على ظنهم وأظهر له نفاقهم وقال للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا) [التوبة : ٨٣]. والأول أصوب وعليه أكثر المفسرين (١٢).
قوله : (قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا) إلى خيبر (كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ) أي من قبل مرجعنا إليكم أن غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية ليس لغيرهم فيها نصيب.
قوله : (بَلْ تَحْسُدُونَنا) قرأ أبو حيوة تحسدوننا (١٣) بكسر السين «بل» للإضراب
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) كذلك.
(٣) في ب : أهلنا.
(٤) سقط من ب.
(٥) في ب : ولم يصيبوا شيئا منها.
(٦) ما بين القوسين كله سقط من ب.
(٧) سقط من أالأصل فلعله سهو من المؤلف.
(٨) قاله العكبري في التبيان ١١٦٦.
(٩) سبعية متواترة ذكرها ابن مجاهد في السبعة ٦٠٤.
(١٠) وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم اعتبارا بقوله : «إنّي اصطفيتك على النّاس برسالاتي وبكلامي» انظر القرطبي ١٦ / ٢٧١.
(١١) هو رأي مجاهد وقتادة.
(١٢) وانظر الرازي ٢٨ / ٩٠ والبحر ٨ / ٩٤.
(١٣) المرجع الأخير السابق.