[المزمل : ٩] إلا أن فرعون بخبثه ومكره تغافل عن ذلك الدليل ، وألقى إلى الجهّال أنه لما كان لا طريق إلى الإحساس بهذه الإله وجب نفيه (١).
قوله : (أَسْبابَ السَّماواتِ) ، فيه وجهان :
أحدهما : أنه تابع «للأسباب» قبله ، بدلا أو عطف بيان.
والثاني : أنه منصوب (٢) بإضمار أعني. والأول أولى (٣) ؛ إذ الأصل عدم الإضمار.
قوله : «فأطّلع» العامة على رفعه عطفا على أبلغ فهو داخل في حيز الترجي ، وقرأ حفص في آخرين بنصبه (٤) وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه جواب الأمر في قوله «ابن لي» فنصب بأن مضمرة بعد الفاء في جوابه على قاعدة البصريين كقوله :
٤٣٤٠ ـ يا ناق سيري عنقا فسيحا |
|
إلى سليمان فنستريحا (٥) |
وهو أوفق لمذهب البصريين.
الثاني : أنه منصوب ، قال أبو حيان : عطفا على التوهم ؛ لأن خبر «لعل» جاء مقرونا «بأن» كثيرا في النظم ، وقليلا في النثر ، فمن نصب توهم أن الفعل المضارع الواقع خبرا منصوب «بأن» والعطف على التوهم كثير وإن كان لا ينقاس (٦).
الثالث : أن ينتصب على جواب الترجي في لعل ، وهو مذهب كوفي استشهد أصحابه بهذه القراءة وبقراءة نافع وما يدريك لعله يزكى عبس أو يذكر فتنفعه الذكرى [عبس : ٣ ـ ٤] بنصب «فتنفعه» جوابا ل «لعله». وإلى هذا نحا الزمخشري ، قال : «تشبيها للترجي بالتمني» (٧). والبصريون يأبون ذلك ويخرجون القراءتين على ما تقدم.
وفي سورة عبس (٨) يجوز أن يكون جوابا للاستفهام في قوله : (وَما يُدْرِيكَ) فإنه
__________________
(١) وانظر تفسير الرازي ٢٧ / ٦٥ و ٦٦.
(٢) في ب منسوب بالسين.
(٣) قال بالأول ابن الأنباري في البيان ٢ / ٣٣١ والعكبري في التبيان ١١٢٠ والسمين في الدر ٤ / ٦٩٦ وبالثاني السمين في مرجعه السابق.
(٤) من القراءة المتواترة وممن قرأ بها أيضا الأعرج وأبو حيوة ، وزيد بن علي ، والزعفراني ذكره أبو حيان في البحر ٧ / ٤٦٥.
(٥) من الأبيات المشهورة في عالم النحو وهو من الرجز لأبي النجم العجلي. والعنق محركة ضرب من السير والفسيح الواسع ، وسليمان هو سليمان بن عبد الله الخليفة. والشاهد : «فنستريحا» حيث نصب المضارع بعد الفاء على جواب الأمر وهو «سيري». وانظر معاني الفراء ١ / ٤٧٨ و ٢ / ٧٩ ، والكتاب ٣ / ٣٥ ، والمقتضب ٢ / ١٣ ، وشرح ابن يعيش على المفصل ٧ / ٢٦ ، والهمع ١ / ١٨٢ ، ٢ / ١٠ ، والتصريح ٢ / ٢٣٩ ، والأشموني ٣ / ٣٠٢ ، والمقتصد ١٠٦٩ ، والرد على النحاة ١١٥ ، والدر المصون ٤ / ٥٩٦.
(٦) قاله في البحر ٧ / ٤٦٦.
(٧) الكشاف ٣ / ٤٢٧ و ٤٢٨.
(٨) الآيتان ٣ و ٤ السابقتان.