مترتب عليه معنى. وقال ابن عطية وابن جبارة الهذلي على جواب التمني (١) ، وفيه نظر ؛ إذ ليس في اللفظ تمن ، إنما فيه ترجّ ، وقد فرق الناس بين التّمنّي والتّرجّي ، بأن الترجي لا يكون إلا في الممكن عكس التمني فإنه يكون فيه وفي المستحيل كقوله :
٤٣٤١ ـ ليت الشّباب هو الرّجيع على الفتى |
|
والشّيب كان هو البديء الأوّل (٢) |
قوله : (وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ) ، قرىء : «زيّن» مبنيا للفاعل (٣) ، وهو الشيطان ، وتقدم الخلاف في (صُدَّ عَنِ السَّبِيلِ) في الرعد (٤) ، فمن بناه للفاعل حذف المفعول أي صد قومه عن السبيل ، (وهو (٥) الإيمان). قالوا : ومن صدّه قوله : (فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ) [طه : ٧١] ، ويدل على ذلك قوله تعالى : (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) [محمد : ١] وقوله : (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) [الفتح : ٢٥] وابن وثاب : «وصدّ» بكسر الصاد (٦) ، كأنه نقل حركة الدال الأولى إلى فاء الكلمة بعد توهم سلب حركتها ، وقد تقدم ذلك في نحو : ردّ (٧) ، وأنه يجوز فيه ثلاث لغات الجائزة في قيل وبيع. وابن إسحاق وعبد الرحمن بن أبي بكرة : وصدّ (٨) ـ بفتح الصاد ، ورفع الدال منونة ـ جعله مصدرا منسوقا (٩) على (سُوءُ عَمَلِهِ) ، أي زين له الشيطان سوء العمل والصّدّ ، (وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ) أي وما كيده في إبطال ما جاء به موسى إلا في خسارة وهلاك. والتّباب الخسارة ، وقد تقدم في قوله «غير تتبيب» (١٠).
قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ (٣٨) يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ (٣٩) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ
__________________
(١) البحر المحيط ٧ / ٤٦٥.
(٢) من تمام الكامل ، ولم أعرف قائله ، والرجيع : العرق ، سمي رجيعا لأنه كان ماء فصار عرقا. والبيت تدور فكرته في تمني الشباب بعد زواله وبعد حلول الكبر. وشاهده : أن «ليت» لا تستعمل إلا في الأمر المستحيل والممكن معا وهي هنا في المستحيل. وقد تقدم ..
(٣) من القراءة الشاذة ، وقد نقلها الزمخشري في الكشاف ٣ / ٤٢٨ وأبو حيان في البحر المحيط ٧ / ٤٦٦.
(٤) من الآية ٣٣ «بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ» فقرأ هنا وفي الرعد حفص عن عاصم وحمزة والكسائي بالبناء للمجهول والباقون بفتح الصاد والدال مشددة وهي متواترة ، وانظر النشر ١ / ٣٦٥ ، ٣٦١ وحجة ابن خالويه ٣١٥.
(٥) ما بين القوسين سقط من ب وهو كلام من الرازي ٢٧ / ٦٧.
(٦) نقلها أبو حيان في بحره ٧ / ٤٦٦.
(٧) من إخلاص الضم وإخلاص الكسر والإشمام.
(٨) قراءة شاذة غير متواترة ذكرها ابن خالويه في مختصره ١٣٠.
(٩) أي معطوفا.
(١٠) من الآية ١٠٣ «وما تزويدونني غير تتبيب». والتّتبيب هو التّخسير. وانظر اللباب ميكروفيلم.