قوله : (إِنَّا كُلٌّ فِيها) العامة على رفع «كلّ» ورفعه على الابتداء و «فيها» خبره والجملة خبر «إنّ» ، وهذا كقوله في آل عمران : (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ)(١) [آل عمران : ١٥٤] ، في قراءة أبي عمرو. وقرأ ابن السّميقع وعيسى بن عمر بالنصب ، وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون تأكيدا لاسم إن ، قال الزمخشري : توكيد لاسم إن ، وهو معرفة ، والتنوين عوض من المضاف إليه ، يريد : إنا كلّنا فيها (٢) انتهى ، يعني فيكون «فيها» هو الخبر ، وإلى كونه توكيدا ذهب ابن عطية أيضا (٣).
ورد ابن مالك هذا المذهب فقال في تسهيله : «ولا يستغني بنية إضافته خلافا للزمخشري»(٤).
قال شهاب الدين : «وليس هذا مذهبا للزمخشري وحده بل هو منقول عن الكوفيين أيضا» (٥).
والثاني : أن تكون منصوبة على الحال ، قال ابن مالك : والقول المرضيّ عندي أنّ «كلّا» في القراءة المذكورة منصوبة على الحال من الضمير المرفوع في «فيها» و «فيها» هو العامل ؛ وقد قدمت عليه مع عدم تصرفه ، كما قدمت في قراءة من قرأ : (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ)(٦) [الزمر : ٦٧].
وفي قول النّابغة :
٤٣٤٢ ـ رهط ابن كوز محقبي أدراعهم |
|
فيهم ورهط ربيعة بن حذار (٧) |
وقال بعض الطائيين :
٤٣٤٣ ـ دعا فأجبنا وهو بادي ذلّة |
|
لديكم وكان النّصر غير بعيد (٨) |
__________________
(١) وانظر السبعة ٢١٨ وحجة ابن خالويه ١١٥.
(٢) في الكشاف : إنا كلنا أو كنا باللفظين وانظر الكشاف ٣ / ٤٣٠.
(٣) البحر المحيط ٧ / ٤٦٩.
(٤) التسهيل ١٦٤.
(٥) الدر المصون ٤ / ٧٠١.
(٦) وانظر البحر المحيط ٧ / ٤٦٩.
(٧) من تام الكامل له. والشاهد : نصب «محقبي» على الحال من الجار والمجرور في «فيهم» ، وقد تقدمت الحال على عاملها وصاحبها المجرور بذلك العامل والعامل في الحال الجار والمجرور وما يتعلق به وقد تقدم.
(٨) من الطويل مجهول القائل ، رواه في البحر : «غير قريب» وفي الأشموني :
بنا عاذ عوف وهو بادي ذلة |
|
لديكم فلم يعدم ولاء ولا نصرا |
وشاهده : تقدم الحال وهو قوله «بادي» على صاحبها المجرو وبإضافة الظرف وهو «كم» في «لديكم».
وانظر البحر المحيط ٧ / ٤٦٩ ، والأشموني ٢ / ١٨٢ ، والتصريح ١ / ٣٨٥ وشرح ابن الناظم بدر الدين ١٣١ ، وأوضح المسالك ١٢٠ والدر المصون ٤ / ٧٠٢.