المفردات قائمة بموادّها وهيئة المركّبات قائمة بالمجموع. وثانيا أنّ الإشكال المذكور يرد فيما إذا اريد من وضع المركّبات وضعها بمجموعها علاوة على وضع كلّ من الموادّ والهيئات لا ما إذا اريد من وضع المركّبات وضع خصوص هيآتها القائمة على القضيّة المركّبة دون موادّ المفردات والهيئات المختصّة بها لكلّ حينئذ مدلول غير مدلول الآخر فلا يكفي كلّ واحد عن الآخر فالحاجة باقية ما لم يذكر الآخر فلا يستلزم التكرار في الدلالة تارة بملاحظة وضع نفسها واخرى بملاحظة مفرداتها كما لا يخفى.
فالمراد من عبارات من ذهب إلى وضع في المركّبات غير وضع المفردات كما أشار إليه صاحب الكفاية في آخر عبارته (حيث قال : ولعلّ المراد من العبارات الموهمة إلخ) هو ما ذكرناه من وضع الهيئات القائمة على المركّبات على حدة غير وضع الموادّ لا وضع مجموع هيئة المركّبات مع الموادّ والهيئات العارضة على الموادّ علاوة على وضع كلّ واحد من الموادّ والهيئات بحيث يكون لفظ زيد بمنزلة جزء الكلمة في ذلك الوضع.
ولذا فصّل في الدرر بقوله : فإن كان غرض مدّعي وضع آخر للمركّبات أنّها بموادّها الشخصيّة لها وضع آخر غير وضع المفردات بمعنى أنّ لقضيّة زيد قائم وضعا آخر يكون لفظ زيد بمنزلة جزء الكلمة في ذلك الوضع فهو في غاية الفساد إذ وجدان كلّ أحد يشهد بطلان هذا الكلام مضافا إلى لغويّته وإن كان الغرض أنّ وضع مفردات القضيّة لا يفي بصدق القضيّة التامّة التي يصحّ السكوت عليها لأنّ معاني المفردات معان تصوّريّة وتعدّد المعاني التصوّريّة لا يستلزم القضيّة التامّة التي يصحّ السكوت عليها فلا بدّ أن يكون القضيّة المستفادة من قولنا زيد قائم مسبّبة من وضع آخر غير وضع المفردات وهو الوضع النوعيّ لهذه الهيئة ، فهو صحيح إلخ. (١)
فتحصّل ممّا ذكرناه أنّ في باب المركّبات ثلاثة أوضاع ؛ أحدها : وضع المفردات
__________________
(١) الدرر ١ / ٤٣.