الأمر الخامس : في أنّ الألفاظ موضوعة بإزاء معانيها
من حيث هي
ولا يخفى عليك ـ بعد ما تقدّم من أنّ حقيقة «الوضع» ليست إلّا تعيين اللفظ في مقابل نفس المعنى واعتبار الاختصاص والارتباط بينهما ممّن يعتنى بوضعه واعتباره ـ أنّ الموضوع له للألفاظ هو نفس المعاني من دون دخالة شيء آخر كالإرادة أو العلم أو غيرهما فمثل لفظ «الماء» مثلا يدلّ على نفس الماء لا الماء المراد ولا الماء المعلوم وهكذا. وعليه فالألفاظ تحكي عن نفس المعاني الواقعيّة لا غير من دون دخل للمراديّة لا اسما ولا حرفا. وعليه فلا مجال لدعوى تقييد المعاني بنحو من أنحاء الإرادة سواء كان التقيّد داخلا والقيد خارجا أم كان كلاهما خارجين بأن يكون الموضوع له هي الحصّة المقترنة بالإرادة سواء كانت الإرادة إرادة استعماليّة وهي إرادة استعمال اللفظ للمعنى وإرادة إفنائه في مطابقه أم إرادة تفهيميّة وهي إرادة تفهيم المعنى الذي استعمل اللفظ فيه للمخاطب أم إرادة جدّيّة وهى إرادة المعنى الذي استعمل اللفظ فيه جدّا وحقيقة لأنّ كلّها كما في بدائع الأفكار خلاف الوجدان ولا دخل لها بالنسبة إلى المعنى الموضوع له. وعليه فلا يصحّ ما في الدرر أيضا من أنّ المعقول في الوضع هو بناء الواضع والتزامه بأنّه متى أراد المعنى الخاصّ وتعلّق