ثمّ إنّ الفرق بين التبادر وصحّة السلب وبين عدم تبادر الصحيح والفاسد واضح لأنّ في الامر الثالث لا مدخليّة فيه للتبادر في كشف الحقيقة بل نصل من نفي التبادر في خصوص الصحيح وخصوص الفاسد إلى كشف الأعمّ.
الرابع : صحّة التقسيم إلى الصحيح والسقيم : إنّه قد استدلّ للأعمّيّ بصحّة تقسيم ألفاظ العبادات إلى الصحيحة والسقيمة. ولو لا وضعها للأعمّ لزم تقسيمها إلى أنفسها وإلى غيرها كما في تقريرات الميرزا الشيرازيّ قدسسره.
وبعبارة اخرى كما في الدرر : نرى أنّ لفظ الصلاة في قولنا الصلاة إمّا صحيحة أو فاسدة ليس فيه تجوّز وملاحظة علاقة صوريّة بين ما أردنا من اللفظ وبين المعنى الحقيقيّ له وهذا ظاهر عند من راجع وجدانه وأنصف.
أورد عليه في تقريرات الميرزا الشيرازيّ قدسسره بأنّ صحّة التقسيم إنّما تكون علامة إذا علم كونها مبتنية على الحقيقة والواقع لا التجوّز والتأويل والمسلّم إنّما هو وقوع التقسيم وهو أعمّ من صحّته على وجه تكون علامة ولو قيل أنّ الأصل في الاستعمال الحقيقة فيثبت به أنّ التقسيم إنّما هو بالنظر إلى المعنى الحقيقيّ فجوابه قد مرّ أنّه أعمّ وأنّه لا دليل على اعتبار هذا الأصل في مقام العلم بالمراد مع الشكّ في صفته. (١)
ويمكن الجواب عنه بما افاده استاذنا المحقّق الداماد قدسسره من أنّ الاستعمال مع انضمام أصالة عدم القرينة والعلاقة من شواهد الحقيقة فإنّ الظهور حينئذ يكون مستندا إلى حاقّ اللفظ ولا حاجة مع أصالة عدم القرينة إلى أصالة الحقيقة حتّى يقال بأنّها تجري فيما إذا شكّ في المراد بين المعنى الحقيقيّ والمجازيّ لا فيما إذا علم المراد وشكّ في كونه حقيقة أو مجازا.
هذا مضافا إلى ما في نهاية النهاية من إمكان أن يدّعى صحّة تقسيم هذا اللفظ
__________________
(١) التقريرات ١ / ٤٠٢.