لكنّه بحسب الحقيقة هو الموضوع فإنّه الأمر المعلوم والمجهول تعيّناته وأفراده فمحصّل مسائل الاصول هو أنّ الحجّة التي نعلم بوجودها إجمالا لها تعيّنات وأفراد منها خبر الواحد ومنها الشهرة وهكذا فكلّ مسألة يرجع البحث فيها إلى تعيين مصداق للحجّة مسألة اصوليّة كمسألة حجّيّة الخبر والشهرة والإجماع وحجّيّة أحد الخبرين في باب التعارض ومسألة حجّيّة القطع بقسميه من التفصيليّ والإجماليّ فإنّ حجّيّة القطع التفصيليّ وإن كانت أمرا واضحا ولذا لم يتعرّض لها القدماء إلّا أنّ توهّم عدم الحجّيّة في بعض أقسامه أوجب البحث عنها فهي أيضا من مسائل علم الاصول ولا ربط لها بالمسائل الكلاميّة كما في الكفاية وليس الحجّة في اصطلاح الاصوليّ عبارة عن حدّ الوسط بل هي بمعناها اللغويّ أعني ما يحتجّ به المولى على العبد وبالعكس في مقام الامتثال فيكون القطع بقسميه أيضا من مصاديقها حقيقة وعلى هذا فمبحث الاشتغال من مباحث الاصول حيث يرجع البحث فيه إلى البحث عن حجّيّة العلم الإجماليّ وكذلك مبحث حجّيّة الاستصحاب بل ومبحث البراءة أيضا إذ محصّل البحث فيه هو أنّ صرف احتمال التكليف يكفي لتنجيز الواقع ويصحّح احتجاج المولى ومؤاخذته أم لا وكذلك مسألة التخيير حيث أنّ المبحوث عنه فيها أنّه في مقام دوران الأمر بين المحذورين هل يكون الأخذ بأحد الطرفين كافيا في احتجاج العبد على المولى وهكذا البحث عن حجّيّة المفاهيم فإنّ البحث فيها ليس في أصل ثبوت المفهوم بل في حجّيّتها حيث أنّ لذكر القيد الزائد مثل الشرط والوصف وامثالهما ظهورا ما في الدخالة بلا إشكال وإنّما يقع البحث عن حجّيّتها وبالجملة فكلّ مسألة يكون حيثيّة البحث فيها حجّيّة أمر من الامور التي تصلح للحجّيّة أو يتوهّم حجّيّتها فهي مسألة اصوليّة نعم لمّا كان حجّيّة بعض الحجج أمرا واضحا لم يتصدّ القدماء للبحث عنها كمسألة حجّيّة القطع مثلا وكحجّيّة الظواهر حيث أنّ أصل حجّيّة الظواهر كانت أمرا مفروغا عنها وإنّما كان يقع الإشكال في بعض الموارد