الاعتبار حتّى يعتنى بوضعهما ويتّبع الوضع فمثل الأب والجدّ ممّن يكون له الرئاسة في الاسرة لهما وضع الأعلام ويتّبع عند الأهل والأقرباء بل الناس ، كما أنّ واضع اللغة ممّن يكون له مهارة الفنّ والأدب يتّبع عنه لأنّ أمر الوضع إليه عند الناس وإلّا فلا يعتنى بوضعه كوضع الأطفال بعض الألفاظ لبعض الأشياء فصلاحيّة الاتباع من الشرائط لا وجود الاتباع الخارجيّ كما يظهر من نهاية الاصول حيث قال : إنّ اختصاص اللفظ بالمعنى وارتباطه به لا يكفي في تحقّقه صرف تعيين الواضع ما لم يتّبع فإنّ صرف التعيين لا يوجب انس اللفظ بالمعنى بحيث إذا سمع فهم منه. (١)
لأنّ بعد العلم بتخصيص الواضع الذي يصلح للتبعيّة عنه يحصل الانس بين اللفظ والمعنى وإن لم يتحقّق الاتباع الخارجيّ بعد فالوضع هو تخصيص اللفظ وتعيينه للمعنى ممّن يصلح لأن يتّبع وهذا التخصيص والتعيين يؤول في الحقيقة إلى اعتبار الواضع الارتباط والاختصاص بين طبيعة لفظ خاصّ وطبيعة معنى خاصّ فالارتباط والاختصاص أمر اعتباريّ يحصل بفعل الواضع وهو تخصيصه وتعيينه اللفظ بالنسبة إلى معناه فكما أنّ العلم نصب على رأس الفرسخ ليدلّ على الفرسخ وينتقل منه إلى الفرسخ كذلك اللفظ وضع للمعنى ليدلّ عليه وينتقل منه إليه غاية الأمر أنّ الوضع في العلم المنصوب حقيقيّ خارجيّ وفي اللفظ اعتباريّ.
ولعلّه لذا قال المحقّق الأصفهانيّ قدسسره : أنّ الاختصاص والارتباط من لوازم الوضع لا عينه ولا حاجة في وجوده إلّا إلى اعتبار من الواضع وممّا ذكر يظهر ما في الكفاية حيث فسّر الوضع بنفس الاختصاص والارتباط مع أنّه من لوازمه كما عرفت.
__________________
(١) نفس المصدر.