الإشارة والضمائر والموصولات كسائر الأسماء موضوعة لنفس المعنى وإفهامه عند الإشارة الخارجيّة أو الذهنيّة إليه. وهو المتبادر منها ويشهد له وقوعها مخبرا عنها ومسندا إليها مع أنّها لو انسلك في عداد المفاهيم الحرفيّة لما صحّ الإخبار عنها والإسناد إليها وتأويل المخبر عنه في مثل هذا قائم إلى طرف الإشارة والمشار بها إليه في ذهن السامع لا يساعده العرف العامّ والخاصّ كما لا يخفى وممّا ذكر ينقدح الفرق بين إحضار الموضوع بالإشارة الخارجيّة إليه بالإصبع ونحوه وبين ذكر اسم الإشارة لأنّ الأوّل إشارة إلى الحاضر والثاني دلالة عليه وإفهامه وإحضاره في ذهن السامع فدعوى عدم الفرق بينهما محلّ منع وأمّا قيام الإشارة الخارجيّة مقام أسماء الإشارة أو الضمائر أو الموصولات وبالعكس فلا يدلّ على كونها في عداد المعاني الحرفيّة لأنّ قيامها مقامها تابع لمدلولها فإن كان اسما فهي بمنزلته وإن كان حرفا فهي بمنزلته كما قامت إشارات الأخرس مقام العقود والإيقاعات والأسماء والحروف وعليه فمجرّد قيام أحدهما مقام الآخر لا يكون دليلا على أحد الطرفين فلا تغفل.
ثمّ إنّه لا يخفى عليك أنّ الوضع للمعنى عند الإشارة الخارجيّة إليه مساوق لكون الوضع عامّا والموضوع له خاصّا لأنّ المعنى عند الإشارة إليه ذهنا أو خارجا خاصّ متشخّص لعدم الإشارة الخارجيّة أو الذهنيّة والمخاطبة إلّا إلى المتشخّص الخاصّ ولا يكون كلّيّا كما ذهب إليه المحقّق الاصفهانيّ قدسسره. وأمّا جعل الوضع عامّا والموضوع له والمستعمل فيه عامّا والتشخّص ناشئا عن طور الاستعمال بحيث تحصل الإشارة باستعمال نفس الألفاظ ففيه أنّه جمع بين المتباينين فإنّ الإشارة من باب الإيجاد والإنشاء والدلالة على المعنى من باب الحكاية فكيف يمكن أن يجتمعا بلفظ واحد فانحصر الأمر فيما ذكرناه عن المحقّق الأصفهانيّ من أن الإشارة حاصلة من الخارج نحو المعنى واللفظ موضوع للمعنى الذي اشير إليه بالإشارة الخارجيّة أو الذهنيّة ومن المعلوم أنّ الوضع حينئذ يكون عامّا والموضوع له خاصّا فلا تغفل.