من ذلك أعني به المفهوم من حيث هو لا يمكن (١) أن يتحقّق من العاقل المختار لفرض عدم الداعي إليه. ثمّ قال : وفيه أنّه إن اريد من كون الموضوع له هو المعنى الذي تعلّقت به إرادة المتكلّم على نحو دخول التقيّد وخروج القيد فمرحلة الثبوت في المقام غير تامّة فلا تصل النوبة إلى مرحلة الإثبات وذلك لأنّ دخول التقيّد في الموضوع له يستلزم محاذير ؛ منها : أنّه يلزم ذلك أن يتقوّم المستعمل فيه بما هو من قوام الاستعمال أعني به الإرادة الاستعماليّة وبما أنّ الاستعمال متأخّر بالطبع عن المستعمل فيه وهو متقدّم عليه كذلك يستلزم أن يكون الشيء الواحد في آن واحد متقدّما ومتأخّرا بالطبع بالإضافة إلى شيء واحد وهذا خلف وهكذا الأمر لو كان التقيّد بنحو آخر من أنحاء الإرادة التي أشرنا إليها لاتّحاد الملاك فيها جميعا. ومنها : عدم صحّة الحمل في القضايا الحمليّة إلّا بتجريد المحمول عن التقيّد المزبور لعدم صدق القضيّة معه ، مع وجدان صحّة الحمل بلا عناية التجريد وذلك يكشف عن عدم أخذ التقيّد في الموضوع له. إلى أن قال : وإن اريد من كون الموضوع له هو المعنى الذي تعلّقت به إرادة المتكلّم على نحو خروج القيد والتقيّد معا عن الموضوع له وادّعاء أنّ الموضوع له هو المعنى المقترن بإرادة المتكلّم فيكون الموضوع له هي حصّة من طبيعيّ المعنى فمرحلة الثبوت وإن كانت على هذا لا ضير فيها ولا تستلزم شيئا من تلك المحاذير إلّا أنّ الدليل المزبور (٢) غير صحيح فإنّا لو سلّمنا أنّ غاية الوضع هي الإفادة والاستفادة ولم تكن غايته أن يخطر المعنى كلّما يخطر اللفظ ولو بسماع من لافظ بلا شعور فتكون الإفادة والاستفادة من بعض ما يترتّب على الوضع لما سلّمنا أنّ غايته وحده
__________________
(١) وفيه منع إذ ترتّب الأثر على نوع من المعنى وهو الذي تتعلّق به الإرادة يكفي في صحّة الوضع للمطلق كما يصحّ جعل الحكم على طبيعة المكلّفين لترتّب الأثر وهو الامتثال على بعض أنواعهم وأفرادهم.
(٢) وهو الذي أشار إليه في صدر عبارته بقوله أقصى ما يمكن أن يستدلّ به إلخ.