عناية وتكلّف مراعاة العلاقة ونصب القرينة فقد قيل بأنّها أيضا من أمارات الحقيقة. (١) مع أنّه ممّا ذهب إليه بعض الفحول وادّعي عليه الإجماع في الجملة وهو الظاهر من هداية المسترشدين بعد التفصيل بين اتّحاد المعنى وتعدّده واختيار ذلك في الصورة الاولى حيث قال فيه : ولا كلام ظاهرا في تحقّق الدلالة المذكورة في الجملة وقد حكى الإجماع عليه جماعة من الأجلّة منهم العلّامة في النهاية وقد يستفاد من كلام السيّد في الذريعة أيضا ويدلّ عليه بعد ذلك جريان طريقة أئمّة اللغة ونقلة المعاني اللغويّة على ذلك فعن ابن عباس الاستناد في معنى «الفاطر» إلى مجرّد الاستعمال وكذا عن الأصمعيّ في معنى «الدهاق» وكذا الحال فيمن عداهم فإنّهم لا زالوا يستشهدون في إثباتها إلى مجرّد الاستعمالات الواردة في الأشعار وكلمات العرب ويثبتون المعاني اللغويّة بذلك ولا زالوا ذلك ديدنا لهم من قدمائهم إلى متأخّريهم كما لا يخفى على من له أدنى خبرة بطريقتهم وأنّ ظاهر الاستعمال قاض بإرادة الموضوع له بعد تعيّنه والشكّ في إرادته بغير خلاف فيه كما مرّت الإشارة إليه وذلك قاض بجريان الظهور المذكور في المقام إذ لا فرق في ذلك بين العلم بالموضوع له والجهل بما وضع لاتّحاد المناط في المقامين وهو استظهار أن يراد من اللفظ ما وضع بإزائه من غير أن يتعدّى في اللفظ عن مقتضى وضعه إلّا أن يقوم دليل عليه. مضافا إلى ما في المجاز من كثرة المؤن لتوقّفه على الوضع والعلاقة والقرينة الصارفة والمعيّنة بل ويتوقّف على الحقيقة على ما هو الغالب وإن لا يستلزمه على التحقيق. فإن قلت : إنّ مجرّد وجدان اللفظ مستعملا في معنى كيف يدلّ على كونه حقيقة فيه مع احتمال كونه مستعملا في معان عديدة غير المعنى المفروض ومجرّد أصالة العدم لا يفيد ظنّا به وليس الأمر في المقام مبنيّا على التعبّد ليؤاخذ فيه بمجرّد الأصل. قلت : فيه بعد ما عرفت من الوجه في
__________________
(١) منتهى الاصول : ١ / ٤٣.