معنى يقتضي الحقيقة لكونه ظاهرا في كون المعنى المستعمل فيه هو معناه الحقيقيّ واللفظ هو الموضوع لهذا المعنى ولا فرق فيه بين العلم بالوضع إجمالا أم لا كما لا فرق بين وحدة المعنى أو تعدّده لوجود الظهور المذكور في جميع الصور والتفرقة لا دليل له والأمر في هذه الموارد يدور بين الصحيح والغلط لخلوّها عن العلاقات المجازيّة ولا مورد في هذه الموارد لاحتمال المجازيّة فالأصل في الاستعمال في أمثال هذه الموارد هو الحقيقة دون الغلط. «وما يقال من أنّ أصالة الحقيقة معتبرة في تعيين المراد لا في كون اللفظ حقيقة في ما يعلم أنّه مراد فكلام خال عن التحصيل وطريقة أهل اللغة في كلّ لسان على الاستشهاد بكلام البلغاء وأشعارهم في إثبات معاني الألفاظ» (١) وهذا أحد معاني أصالة الحقيقة كما أنّه قد يقال أصالة الحقيقة ويراد بها أنّ المتكلّم أراد المعنى الحقيقيّ فيما إذا علم المعنى الحقيقيّ تفصيلا وجهل المراد فيحمل على المعنى الحقيقيّ عند التجرّد عن القرائن والعلاقات المجازيّة لظهوره ورجحانه ولأنّ مبنى المحاورات عليه ولذا قال في الفصول : وهذا ممّا لا نزاع لأحد فيه وقد حكي الاتّفاق عليه غير واحد منهم ولا فرق في ذلك بين أن يكون السامع مخاطبا باللفظ أولا. انتهى (٢)
ولكنّ المعنى الثاني أجنبيّ عن المقام لأنّ الكلام في المقام في علائم إثبات الحقيقة في مقابل المجاز لا في أنّ المتكلّم أراد المعنى الحقيقيّ أو المجازيّ بعد معلوميّتهما وكلام صاحب هداية المسترشدين لا يرجع إليه لأنّ فرض العلم في كلامه بنحو الإجماليّ لا التفصيليّ فلا تغفل.
ثمّ إنّ بعد صحّة أصالة الحقيقة بالمعنى الذي ذكرناه فليحمل ما اشتهر من أنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة والمجاز على موارد اخرى حتّى لا يكون بين القاعدتين (أي
__________________
(١) مجمع البيان : ٧ / ١٧٢ ذيل الصفحة.
(٢) الفصول : ٣١.